ثم قلت : وألحق به : أولو ، وعالمون ، وأرضون ، وسنون ، وعشرون ، وبابهما ، وأهلون ، وعلّيّون ، ونحوه.
وأقول : ألحق بجمع المذكر السالم ألفاظ : منها أولو ، وليس بجمع (١) ، وإنما هو اسم جمع لا واحد له من لفظه وإنما له واحد من معناه وهو ذو ، ومن شواهده قوله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى) [النور ، ٢٢].
(لا) ناهية ، (يأتل) فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، وعلامة جزمه حذف الياء ، وأصله يأتلي ، ومعناه يحلف ، وهو يفتعل من الأليّة (٢) ، وهي اليمين ، أو من قولهم : «ما ألوت جهدا» أي ما قصّرت ، وعلى الأول فأصل (أَنْ يُؤْتُوا) على أن لا يؤتوا فحذفت على ولا ، كما قال الله تعالى : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) [النساء ، ١٨٦] أي : لأن لا تضلوا ، وعلى الثاني فأصله في أن يؤتوا ، فحذفت «في» خاصة ، وقرئ (ولا يتألّ) وأصله يتالّى ، وهو يتفعّل (٣) من الأليّة ، و (أولو) فاعل يأتل ، وعلامة رفعه الواو ، و (أولي) مفعول بيؤتوا ، وعلامة نصبه الياء.
وقال الله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) [الزمر ، ٢١] فهذا مثال المجرور وذانك مثالا المرفوع والمنصوب.
ومنها «عالمون» و «عشرون» وبابه إلى التسعين ، فإنها أسماء جموع أيضا لا واحد لها من لفظها.
__________________
(١) بين الجمع واسم الجمع اتفاق واختلاف ، فيتفقان في كون كل منهما يدل على ثلاثة فصاعدا ، ويختلفان في أن الجمع لا بد أن يكون له مفرد من لفظه كرجل ورجال ومحمد ومحمدين ، ولا بد أن يكون معنى المفرد هو بعينه معنى الواحد من أفراد الجمع ، ولهذا كان العالمون اسم جمع ولم يكن جمعا لأن العالم المفرد اسم لكل ما سوى الله ، والعالمين خاص بالعقلاء.
(٢) من استعمال الألية بمعنى اليمين قول الشاعر ، وينسب لمجنون ليلى :
عليّ أليّة إن كنت أدري |
|
أينقص حبّ ليلى أم يزيد |
(٣) ومن استعمال تألى بمعنى حلف قول زيد الفوارس :
تألّى ابن أوس حلفة ليردّني |
|
إلى نسوة كأنهنّ مفايد |