بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة ابن هشام
صاحب كتاب «شذور الذهب في معرفة كلام العرب» وشرحه
هو الإمام الذي فاق أقرانه ، وشأى من تقدّمه ، وأعيا من يأتي بعده ، الذي لا يشقّ غباره في سعة الاطلاع وحسن العبارة وجمال التعليل ، الصالح الورع ، أبو محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري المصري.
ولد في القاهرة في ذي القعدة عام ثمان وسبعمائة من الهجرة (عام ١٣٠٩ من الميلاد).
ولزم الشهاب عبد اللطيف بن المرحل ، وتلا على ابن السراج ، وسمع على أبي حيّان ديوان زهير بن أبي سلمى المزني ، ولم يلازمه ، ولا قرأ عليه غيره ، وحضر دروس التاج التبريزي ، وقرأ على التاج الفاكهاني شرح الإشارة له إلا الورقة الأخيرة ، وحدّث عن ابن جماعة بالشاطبية ، وتفقّه على مذهب الشافعي ، ثم تحنبل فحفظ مختصر الخرقي قبيل وفاته.
وتخرج به جماعة من أهل مصر وغيرهم ، وتصدّر لنفع الطالبين ، وانفرد بالفوائد الغريبة ، والمباحث الدقيقة ، والاستدراكات العجيبة ، والتحقيق البارع ، والاطلاع المفرد ، والاقتدار على التصرف في الكلام ، وكانت له ملكة يتمكن بها من التعبير عن مقصوده بما يريد مسهبا وموجزا ؛ وكان ـ مع ذلك كله ـ متواضعا ، برّا دمث الخلق ، شديد الشفقة ، رقيق القلب.
قال عنه ابن خلدون : «ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه».
وقال عنه مرة أخرى : «إن ابن هشام على علم جمّ يشهد بعلوّ قدره في صناعة النحو ، وكان ينحو في طريقته منحاة أهل الموصل الذين اقتفوا أثر ابن جنّي واتبعوا مصطلح تعليمه ؛ فأتى من ذلك بشيء عجيب دالّ على قوة ملكته واطّلاعه» اه.