ثم قلت : السّادس يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين ؛ فإنها ترفع بثبوت النّون ، وتنصب وتجزم بحذفها ، وأمّا نحو (تُحاجُّونِّي) فالمحذوف نون الوقاية ، وأمّا (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) فالواو أصل ، والفعل مبنيّ ، بخلاف (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)
وأقول : الباب السادس مما خرج عن الأصل : الأمثلة الخمسة ، وهي : كل فعل
______________________________________________________
الإعراب : «ليس» فعل ماض ناقص ، «دين» اسم ليس ، وهو مضاف و «الله» مضاف إليه ، «بالمعضى» الباء حرف جر زائد ، المعضى : خبر ليس.
الشّاهد فيه : قوله «المعضى» فإن هذه الكلمة اسم مفعول من معتل اللام المضعف الوسط ، مثل زكى ووفى وأدى ، واسم المفعول منها مزكى وموفى ومؤدى ـ بضم الميم في الثلاثة وفتح ما بعدها وتشديد الحرف الثالث ـ ومعنى المعضى المجزأ المفرق ، تقول : عضيت الذبيحة ، إذا قطعتها أجزاء عدة ، وفصلت كل جزء منها عن أخواته ، والأصل في ذلك كله العضو الذي هو واحد الأعضاء ، والمؤلف يريد أن يقول : «عضة» بكسر العين وفتح الضاد التي هي مفرد «عضين» في نحو قوله تعالى : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) مأخوذة من التعضية ؛ لأن المعنى فيهما واحد ؛ ألا ترى أن ابن عباس رضياللهعنهما فسر هذه الآية بقوله : «أي جزؤوا القرآن أجزاء» وعلى هذا يكون أصلها عضو ، فحذفوا الواو ، ثم عوضوا منها الهاء ، وهذا أحد مذهبين للعلماء في هذه الكلمة ، والمذهب الثاني أشار إليه المؤلف ، وحاصله أن عضة مأخوذة من العضه وهو السحر ، والكهانة أو البهتان والإفك بدليل جمع عضة على عضاه مثل شفاه ، وبدليل تصغيرها على عضيهة ، ومن المعلوم أن الجمع والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها ، وقد أشبعنا القول في بيان المذاهب في هذه الكلمة وبيان أدلتها في كتابتنا على الأشموني ، وهذه اللمحة دالة فلا داعى للإطالة بسردها.
__________________
اللغة الرابعة : أن تلزمه الواو ثم تعربه إعراب الاسم الذي لا ينصرف بضم النون في حال الرفع وفتحها في حالتي النصب والجر من غير تنوين ، وعللوا منع صرفه بوجود العلمية وشبه العجمة.
اللغة الخامسة : أن تلزمه الواو ، وتلتزم فتح النون في الأحوال الثلاثة الرفع والجر والنصب ، ويكون الإعراب حينئذ بحركات مقدرة على الواو ، والنون عوض عن التنوين وعلى هذا يصح أن يكون ما التزموا فيه الواو كابن زيدون وابن عمرون وابن حمدون جاريا على إحدى اللغات الثالثة والرابعة والخامسة ، وما التزموا فيه الياء كابن سبعين جاريا على اللغة الثانية.
ومما نحب أن ننبهك إليه أن هذه اللغات الخمس مترتبة في القوة على الترتيب الذي حكيناه ، فالأولى أعلاها ، ثم الثانية ، ثم الثالثة ، وهلم جرّا.