ولهذه الأوجه حذفوا لام الكلمة في «غاز» و «قاض» دون التنوين ؛ لأنه جيء به لمعنى ، وهو كلمة مستقلة ، ولا يوصف بأنه آخر ؛ إذ الآخر الياء.
ويزيد وجها رابعا : وهو أنه صحيح والياء معتلة.
فلما حذفت الواو صار وزن يعفون يفعون ، بحذف اللام ، ولهذا إذا أدخلت عليه الناصب أو الجازم قلت : «الرّجال لم يعفوا» و «لن يعفوا» فاعرف الفرق.
ثم قلت : السّابع الفعل المعتلّ الآخر ، كيغزو ، ويخشى ، ويرمى ؛ فإنه يجزم بحذفه ، ونحو (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ) [يوسف ، ٩٠] مؤوّل.
وأقول : هذا خاتمة الأبواب السبعة التي خرجت عن القياس ، وهو الفعل [المضارع] الذي آخره حرف علّة ، وهو الواو والألف والياء ؛ فإنه يجزم بحذف الحرف الأخير نيابة عن حذف الحركة ، تقول : «لم يغز» و «لم يخش» و «لم يرم» قال الله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) [العلق ، ١٧].
اللام لام الأمر ، و (يدع) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف الواو ، و (ناديه) مفعول ومضاف إليه ، وظهرت الفتحة على المنقوص لخفتها ، والتقدير فليدع أهل ناديه : أي أهل مجلسه.
وقال الله تعالى : (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ) [التوبة ، ١٨] (وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ) [البقرة ، ٢٤٧] ، فهذان مثالان لحذف الألف.
وقال الله تعالى : (لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) [عبس ، ٢٣] :
(لما) حرف جزم لنفي المضارع وقلبه ماضيا ، كما أن «لم» كذلك ، والمعنى أن الإنسان لم يقض بعد ما أمره الله تعالى به حتى يخرج من جميع أوامره ، وهذا مثال حذف الياء ، والله أعلم.
وأما قوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ) [يوسف ، ٩٠] بإثبات الياء في (يتقي) وإسكان الراء في (يصبر) على قراءة قنبل ـ فمؤول ، هذا جواب سؤال تقديره أن الجازم وهو (من) دخل على (يتّقي) ولم يحذف منه حرف العلة ، وهو الياء ؛