وأما الذي تقدّر فيه الحركتان فنوعان :
أحدهما : ما تقدّر فيه الضمة والكسرة فقط ، وتظهر فيه الفتحة (١) ، وهو المنقوص ، وهو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة قبلها كسرة ، نحو : «القاضي» و «الدّاعي» تقول : «جاء القاضي» و «مررت بالقاضي» بالسكون ، و «رأيت القاضي» بالتحريك ، وإنما قدرت الضمة والكسرة للاستثقال ، وإنما ظهرت الفتحة للخفة ، قال الله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) [العلق ، ١٧] (أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) [الأحقاف ، ٣١] (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ) [مريم ، ٥] (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) [القيامة ، ٢٦] والتراقي : جمع ترقوة ـ بفتح التاء ـ وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق.
والنوع الثاني : ما تقدر فيه الضمة والفتحة ، وهو الفعل المعتل بالألف ، تقول : «هو يخشى» و «لن يخشى» فإذا جاء الجزم ظهر بحذف الآخر (٢) ؛ فقلت : «لم يخش» قال الله تعالى : (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) [القصص ، ٧٧].
__________________
(١) وربما وقع في ضرورة الشعر عكس الأمرين جميعا ، فظهرت الضمة والكسرة على الياء أو الواو ، وقدرت الفتحة عليهما.
فمن ظهور الضمة على الياء قول أبي خراش الهذلي :
تراه وقد فات الرّماة كأنّه |
|
أمام الرّماة مصغي الخدّ أصلم |
ومن ظهور الكسرة على الياء قول ابن قيس الرقيات :
لا بارك الله في الغواني هل |
|
يصبحن إلّا لهنّ مطّلب |
وقول الآخر ، وهو مما أنشده سيبويه وذكر أنه لأعرابي من بني كلب :
فيوما يجارين الهوى غير ماضي |
|
ويوما ترى منهنّ غولا تغوّل |
ومن تقدير الفتحة على الياء قول رؤبة :
كأنّ أيديهنّ بالقاع القرق |
|
أيدي جوار يتعاطين الورق |
وقول الآخر :
ولو أنّ واش باليمامة داره |
|
وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا |
(٢) وربما بقيت الألف وقدر السكون عليها لضرورة الشعر ، ومن ذلك قول عبد يغوث بن وقاص الحارثي وقد أسرته التيم في يوم الكلاب الثاني :
وتضحك منّي شيخة عبشميّة |
|
كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا |