فرأى في طريقه ذات يوم دابة أو حية قد حبست الناس ، فأخذ حجرا فقال : اللهم إن كان الراهب أحبّ إليك من الساحر ، فاقتلها بهذا الحجر ، فقتلها.
وكان ذلك الغلام بعدئذ يتعلّم من الراهب إلى أن صار بحيث يبرئ الأكمه والأبرص ، ويشفي من الداء. وعمي جليس للملك فأبرأه ، فأبصره الملك فسأله : من ردّ عليك بصرك؟ فقال : ربي ، فغضب ، فعذّبه.
فدل على الغلام ، فعذّب الغلام حتى دل على الراهب ، فلم يرجع الراهب عن دينه ، فقدّ بالمنشار ، وأتى الغلام ، فذهب به إلى جبل ليطرح من ذروته ، فدعا فرجف بالقوم فطاحوا ونجا ، فذهبوا به إلى قرقور : وهي سفينة صغيرة ، فلججوا به ليغرقوه ، فدعا ، فانكفأت بهم السفينة ، فغرقوا ونجا ، وقال للملك : لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد ، وتصلبني على جذع ، وتأخذ سهما من كنانتي وتقول : بسم الله ربّ الغلام ، ثم ترميني به.
فرماه فوقع في صدغه ، فوضع يده عليه ومات ، فقال الناس : آمنا برب الغلام ، فقيل للملك : نزل بك ما كنت تحذر ، فأمر بأخاديد في أفواه السّكك وأوقدت فيها النيران ، فمن لم يرجع منهم طرحه فيها ، حتى جاءت امرأة معها صبي ، فتقاعست أن تقع فيها ، فقال الصبي : يا أمّاه ، اصبري فإنك على الحق ، وما هي إلا غميضة ، فصبرت واقتحمت».