وبالرسل واليوم الآخر والملائكة والكتب الإلهية ، وعملوا صالح الأعمال باتباع أوامره واجتناب نواهيه ، ومنهم الذين صبروا على نار الأخدود ، وثبتوا على دينهم ولم يرتدوا ، لهم بسبب الجمع بين الإيمان والعمل الصالح جنات (بساتين) تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار ، وذلك الثواب والنعيم المذكور هو الفوز أو الظفر الكبير الذي لا يعدله فوز ، ولا يقاربه ولا يدانيه ، جزاء إيمانهم وطاعة ربهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
تدل الآيتان في الجملة على حكمين :
الأول ـ أن الذين حرّقوا المؤمنين بالنار ، من أصحاب الأخدود وغيرهم (١) ، ثم ماتوا على الكفر ، ولم يتوبوا من قبيح صنيعهم ، فلهم في الآخرة عذاب جهنم المخزي ؛ لكفرهم ، ولهم العذاب المحرق ؛ لإحراقهم المؤمنين بالنار. وعذاب جهنم وعذاب الحريق إما متلازمان ، والغرض من الثاني التأكيد ، وإما مختلفان في الدركة : الأول لكفرهم ، والثاني ؛ لأنهم فتنوا أهل الإيمان. وقيل : الأول في الآخرة ، والثاني في الدنيا ، أو أن الأول عذاب ببرد جهنم وزمهريرها ، والثاني عذاب بحرّها.
وفي هذا تصريح بأن التوبة تسقط أثر الذنب وترفع العقوبة ، والله يرغب دائما بها.
الثاني ـ أن الذين آمنوا أي صدقوا بالله وبرسله ، وعملوا الصالحات المأمور بها وتركوا المنهي عنها ، لهم جنات (أي بساتين) تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار من ماء غير آسن ، ومن لبن لم يتغير طعمه ، ومن خمر لذّة
__________________
(١) لأن اللفظ عام ، والحكم عام ، فالتخصيص ترك للظاهر من غير دليل.