يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) الذي يدخل ويذوق حر نار الآخرة ، و (النَّارَ الْكُبْرى) أسفل دركات الجحيم والصغرى : نار الدنيا. (ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) أي لا يموت فيستريح ، ولا يحيا حياة هنيئة تنفعه ويسعد.
(قَدْ أَفْلَحَ) فاز ونجا. (تَزَكَّى) تطهر من الكفر والمعصية بالإيمان والتقوى. (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) بقلبه ولسانه ، أو كبر تكبيرة الإحرام. (فَصَلَّى) صلاته المفروضة. (تُؤْثِرُونَ) تفضلون الدنيا على الآخرة. (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) الآخرة المشتملة على الجنة خير من الدنيا وأدوم لا ينقطع نعيمها. (إِنَّ هذا) فلاح من تزكى وكون الآخرة خيرا وأبقى. (لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى) المنزلة قبل القرآن. (صُحُفِ إِبْراهِيمَ) وهي عشر صحف. (وَمُوسى) وهي أيضا عشر صحف غير التوراة.
المناسبة :
بعد التبشير بالبشارتين السابقتين : وهما حفظ القرآن وعدم نسيانه ، والتيسير والتوفيق للشريعة السهلة السمحة ، ولأعمال الخير ، أمر الله نبيه بتذكير الخلق بما ينفعهم في دينهم ودنياهم ، ودعوتهم إلى الحق ، وبيّن من ينتفع بالذكرى وهو من يخاف الله ، ومن يعرض عنها وهو من يعصي الله ، ويكون في قعر جهنم.
وبعد وعيد المعرضين عن العظة بالقرآن ، ذكر الله تعالى وعد من طهر نفسه من الكفر
والشرك والرذائل ، وندّد بمن يؤثر الدنيا على الآخرة ، مع أن الخير في تفضيل الآخرة على الدنيا ، وأخبر بأن أصول الدعوات الدينية واحدة ، فما في القرآن من عظات هو ما في صحف إبراهيم وموسى.
التفسير والبيان :
(فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى ، سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) أي عظ يا محمد الناس بالقرآن ، وأرشدهم إلى سبل الخير ، واهدهم إلى شرائع الدين ، وذكّر حيث تنفع الذكرى ، والناس نوعان : فريق تنفعه الموعظة ، وفريق لا تنفعه ، وإنما الذي