فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ حتمية عذاب الكفار ، فقد أقسم الله تعالى بالفجر أي الصبح أو بصلاة الفجر ، وبالليالي العشر من ذي الحجة ، وبالشفع والوتر أي الزوج والفرد من الأشياء كلها ؛ لأن الموجودات لا تخلو من هذين القسمين ، فتكون كقوله : (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ) [الحاقة ٦٩ / ٣٨ ـ ٣٩] ، وبالليل إذا يسري أي يمضي كقوله : (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) [المدثر ٧٤ / ٣٣] والمراد عموم الليل كله ، أقسم الله بهذه الأشياء على أنه ليعذبن الكفار.
وإقسام الله تعالى بهذه الأمور ينبئ عن شرفها ، وأن فيها فوائد دينية ودنيوية ، مثل كونها دلائل باهرة على التوحيد ، أو توجب الحثّ على الشكر (١). قال القرطبي : قد يقسم الله تعالى بأسمائه وصفاته لعلمه ، ويقسم بأفعاله لقدرته ؛ كما قال تعالى : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) [الليل ٩٢ / ٣] ويقسم بمفعولاته ، لعجائب صنعه ؛ كما قال : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) [الشمس ٩١ / ١] ، (وَالسَّماءِ وَما بَناها) [الشمس ٩١ / ٥] ، (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) [الطارق ٨٦ / ١] (٢).
٢ ـ أكّد الله تعالى ما أقسم به وأقسم عليه بقوله : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) أي بل في ذلك مقنع لذي لبّ وعقل ، فالمراد بالاستفهام تقرير أن هذه المذكورات لشرفها وعظم شأنها يحق أن يؤكد بمثلها المقسم عليه ، وهو تعذيب الكفار ، كمن ذكر حجة باهرة ، ثم قال : هل فيما ذكرته حجة؟ يريد أنه
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣١ / ١٦١
(٢) تفسير القرطبي : ٢٠ / ٤١