(يَقُولُونَ : أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ ، أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً ، قالُوا : تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) أي يقول مشركو قريش وأمثالهم المنكرون المعاد ، المستبعدون وقوع البعث إذا قيل لهم: إنكم تبعثون ، هل نردّ إلى حياتنا الأولى وابتداء أمرنا قبل الموت ، فنصير أحياء بعد موتنا ، وبعد المصير إلى الحافرة وهي القبور؟ وهو كقولهم : (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) [الإسراء ١٧ / ٩٨].
وكيف يتصور أن نرد إلى الحياة بعد تمزق أجسادنا وتفتت عظامنا ، وصيرورتها عظاما بالية ناخرة؟
إن رددنا بعد الموت وصحّ أن بعثنا يوم القيامة لنخسرنّ أو تكون رجعة ذات خسران ؛ لتكذيبنا بما أخبر به محمد ، وسيصيبنا ما يقوله هذا النبي. وهذا القول صادر منهم على سبيل الاستهزاء والتهكم ، لاعتقادهم ألا بعث.
ثم ردّ الله تعالى عليهم وأفحمهم قائلا :
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ، فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) أي لا تستبعدوا ذلك ، فإنما الأمر يسير ، ولا تحسبوا تلك الكرّة صعبة على الله ، وما هي إلا صيحة واحدة ، وهي النفخة الثانية التي يبعث الله بها الموتى من القبور ، فإذا هم على وجه الأرض أحياء ، وحينئذ يحاسب الخلائق. والساهرة على الصحيح هي أرض الآخرة ، وهي أرض بيضاء مستوية ، والمراد بها هنا : وجهها الأعلى ، وسطحها الظاهر. وإنما قيل لها ساهرة ؛ لأنهم لا ينامون عليها حينئذ ، وقيل : هي أرض بالشام.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ أقسم الله سبحانه بأنواع خمسة من الملائكة ذوي مهام متنوعة على أن القيامة حق. والقسم بها تعظيم لها وتنويه بها. ولله أن يقسم على ما يشاء في أي وقت يشاء ،