والدال على قدرة الله وحكمته البالغة على خسارة الإنسان إلا من اتصف بالأوصاف الأربعة ، وهي : الإيمان ، والعمل الصالح ، والتواصي مع الآخرين بالحق ، والتواصي بالصبر والمصابرة.
ذكر الرواة أن عمرو بن العاص وفد على مسيلمة الكذاب ، وذلك بعد ما بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقبل أن يسلم عمرو ، فقال له مسيلمة : ماذا أنزل على صاحبكم في هذه المدة؟! فقال : لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة ، فقال : وما هي؟ فقال : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ ، وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) ففكر مسيلمة هنيهة ، ثم قال : وقد أنزل علي مثلها ، فقال له عمرو : وما هو؟ فقال :
يا وبر يا وبر (١) ، وإنما أنت أذنان وصدر ، وسائرك حفر نقر.
ثم قال كيف ترى يا عمرو : فقال له عمرو : والله لتعلم أني أعلم أنك تكذب.
وذكر الطبراني عن عبيد الله بن حفص قال : كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا التقيا لم يفترقا ، إلا على أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر ، إلى آخرها ، ثم يسلم أحدهما على الآخر. وأخرجه البيهقي عن أبي حذيفة.
وقال الشافعي رحمهالله : لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم.
__________________
(١) الوبر : دويبة تشبه الهر ، أعظم شيء فيه أذناه وصدره ، وباقيه دميم ، فأراد مسيلمة أن يركب من هذا الهذيان ما يعارض به القرآن ، فلم يرج ذلك على عابد الأوثان في ذلك الزمان (تفسير ابن كثير ٤ / ٥٤٧).