المفردات اللغوية :
(عَبَسَ) قطّب وجهه. (وَتَوَلَّى) أعرض. (أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) لأجل أن جاءه عبد الله بن أم مكتوم ، فقطعه عما هو مشغول به من محاولة هداية أشراف قريش إلى الإسلام. وقد أطبق المفسرون على أن الذي عبس هو الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والأعمى : هو ابن أم مكتوم ، واسمه عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الزهري. وقد عاتب الله نبيه على عبوسه في وجه الأعمى ، حتى لا تنكسر قلوب أهل الصّفّة ؛ أو ليعلم أن المؤمن الفقير خير من الغني ، وأن النظر إلى المؤمن أولى وأصلح ، وإن كان فقيرا ، من النظر إلى غيره ، وهو الإقبال على الأغنياء طمعا في إيمانهم ، وإن كان فيه نوع من المصلحة أيضا (١).
(وَما يُدْرِيكَ) أي : أيّ شيء يعلمك ويعرّفك حال هذا الأعمى؟ (لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) يتطهر من الذنوب بما يسمع منك وبما يتعرف عليه من الشرائع ، وفيه إيماء بأن إعراضه كان لتزكية غيره. (أَوْ يَذَّكَّرُ) يتعظ ، أصله يتذكر ، فأدغم التاء في الذال. (فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) العظة المسموعة منك.
(اسْتَغْنى) بالمال والجاه والقوة عن سماع القرآن. (تَصَدَّى) تقبل وتعرض ، وقرئ : (تَصَدَّى) وأصله : تتصدى. فأدغم التاء الثانية بالصاد. (أَلَّا يَزَّكَّى) يتطهر ويؤمن ، أي ليس عليك بأس في ألا يتزكى بالإسلام ، حتى يبعثك الحرص على إسلامه إلى الإعراض عمن أسلم ، إن عليك إلا البلاغ. (وَهُوَ يَخْشى) أي يخاف الله ، وهو الأعمى. (تَلَهَّى) تتشاغل ، وأصله تتلهى ، فحذفت التاء الأخرى.
سبب النزول :
نزول الآية (١):
(عَبَسَ) : أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة رضياللهعنها قالت : أنزل (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في ابن أم مكتوم الأعمى ، أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجعل يقول : يا رسول الله ، أرشدني ، وعند رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجل من عظماء المشركين ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعرض عنه ، ويقبل على الآخر ، فيقول له : أترى بما أقول بأسا؟ فيقول : لا ، فنزلت : (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى). وأخرج أبو يعلى مثله عن أنس.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢١٣