التفسير والبيان :
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) أي فليتأمل الإنسان كيف خلق الله طعامه الذي يعيش به ، ويكون سببا لحياته ، وكيف دبره وهيأه له. وفي هذا امتنان بهذه النعمة ، واستدلال بإحياء النبات من الأرض الهامدة على إحياء الأجسام بعد ما كانت عظاما بالية.
ثم أوضح كيفية إيجاد الطعام ، فقال :
(أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا) أننا أنزلنا الماء من السماء أو سحاب على الأرض بغزارة وكثرة ، فصب الماء هو المطر ، ثم أسكناه في الأرض ، ثم روينا البذر المودع فيها ، ثم شققناها بالنبات الخارج منها ، فارتفع وظهر على وجهها ، فكان هناك أنواع مختلفة من النباتات في الصغر والكبر ، والهيئة والشكل ، واللون والطعم ، والأغراض المتنوعة كالغذاء والدواء والمرعى ، لذا ذكر تعالى بعدئذ ثمانية أنواع من النبات بقوله :
١ ـ ٣ ـ (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً) أي فأنبتنا في الأرض الحبوب التي يتغذى بها كالحنطة والشعير والذرة ، والأعناب المتنوعة ، والرطبة أو القت أو البرسيم أو الفصفصة التي تأكلها الدواب رطبة. والمعنى أن النبات لا يزال ينمو ويتزايد إلى أن يصير حبا وعنبا وقضبا. وقيل : القضب : العلف.
٤ ـ ٥ ـ (وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً) أي وأنبتنا أيضا شجر الزيتون والنخيل ، وثمرتهما معروفة.
٦ ـ ٨ ـ (وَحَدائِقَ غُلْباً ، وَفاكِهَةً ، وَأَبًّا) أي بساتين ذات أشجار ضخمة ومتكاثفة كثيرة ، وفاكهة وهي كل ما يتفكه به من الثمار ، أي يستمتع به ، كالتفاح والكمثّرى والموز والخوخ والتين ونحوها ، وعشبا أو حشيشا مرعى