أبى حنيفة فينبغي أن يبينها لنجيب عما أنكره ، وإن لم تكن من أقوال أبى حنيفة فليس الطعن في ذلك على أبى حنيفة.
وحدث عن إبراهيم بن محمد بن سليمان المؤدب إلى إبراهيم بن شماس يقول : كنت مع ابن المبارك بالثغر فقال : إن رجعت من هذه لأخرجن أبا حنيفة من كتبي.
وروى عن العتيقى إلى إبراهيم بن شماس قال : سمعت ابن المبارك يقول : اضربوا على حديث أبى حنيفة.
وروى عن عبيد الله بن عمر الواعظ إلى الحسن بن الربيع قال : ضرب ابن المبارك على حديث أبى حنيفة قبل أن يموت بأيام يسيرة. قال الخطيب كذا رواه لنا وأظنه عن عبد الله بن أحمد عن أبى بكر الأعين نفسه والله أعلم.
الجواب عن هذه الحكايات الثلاث : إن قول ابن المبارك لا يعتد به في مثل أبى حنيفة لأن أبا حنيفة كان مجتهدا وابن المبارك من كوادن المتفقه ، ثم قد تقدم القول أن ابن المبارك مات وهو على مذهب أبى حنيفة.
ثم إن الخطيب بحمد الله قد شك في رواة الحكاية الثالثة الذين جعلهم ثبتا.
وروى عن محمد بن أحمد بن يعقوب إلى محمد بن على بن حسن بن شقيق يقول سمعت أبى يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول : لحديث واحد من حديث الزهري أحب إلى من جميع كلام أبى حنيفة. إن كان الحديث الذي يحدثه الزهري عن النبي صلىاللهعليهوسلم فكل المسلمين يقولون هذا ويعتقدونه ، بل يعتقدون أن لفظة واحدة من كلام النبيصلىاللهعليهوسلم خير من كل مل تكلم به الخلق ، إلا أن يظن أن في المسلمين من لا يعتقد هذا فمكافأته عمن يظن به ذلك على الله ، وإن كان الحديث من كلام الزهري فما اعتد أحد بكلام الزهري ولا عمل به ، ولا نعرف مذهبا يقال له مذهب الزهري.
وروى عن ابن دوما إلى على بن إسحاق الترمذي قال : قال ابن المبارك : كان أبو حنيفة يتيما في الحديث. هذا بالمدح أشبه منه بالذم فإن الناس قد قالوا درة يتيمة إذا كانت معدومة المثل ، وهذا اللفظ متداول للمدح لا نعلم أحدا قال بخلاف ، وقيل يتيم دهره ، وفريد عصره وإنما فهم الخطيب قصر عن إدراك ما لا يجهله عوام الناس.
وحدث عن البرقاني إلى عبد الله بن أحمد بن شبويه قال سمعت أبا وهب يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول : كان أبو حنيفة يتيما في الحديث. الجواب عن هذا كالجواب عما تقدمه.