المقام الأول : في الشبهة الحكمية
اعلم أن الشك في حلية اللحم بنحو الشبهة الحكمية ..
تارة : يكون للشك في حل الحيوان المأخوذ منه من غير جهة التذكية ، كالشك في حلية لحم الأرنب.
واخرى : يكون للشك في تذكيته ، إما للشك في ما يعتبر في التذكية شرعا ، كما لو شك في اعتبار كون آلة الذبح حديدا ، أو للشك في قابلية الحيوان لها ، كما في الحيوان المتولد من طاهر العين ونجس العين ، ولا يلحق عرفا بحيوان خاص معلوم الحال ، إذ لو الحق بحيوان معلوم الحال كان مشمولا لأدلته المقتضية لقابليته للتذكية أو لعدمها ، فيستغنى به عن النظر في مقتضى الأصل.
أما الاولى فالظاهر أنه لا مانع فيها من أكل اللحم عملا بأصالة البراءة والحل.
ودعوى : أنه يمكن الرجوع لاستصحاب حرمة الأكل الثابتة حال الحياة ، لبقاء الموضوع عرفا ، وهو اللحم ، وليست الحياة إلا من حالاته الخارجة عنه ..
هذا ، بناء على حرمة الحيوان حال الحياة ، فيحرم ابتلاع العصفور حيا مثلا ، أما لو قيل بجوازه أمكن استصحاب الحرمة الثابتة قبل أن يشعر أو يوبر ، كما ذكره سيدنا الأعظم قدّس سرّه.
مدفوعة : بأن موضوع الحرمة هو الأكل لا اللحم ، ومن الظاهر اختلاف الأكل باختلاف قيوده من الحياة والموت وغيرهما ، لأنه أمر كلي قابل للتقييد ، فلا مجال للاستصحاب حينئذ لتبدل الموضوع ، كما هو الحال في غالب الأحكام التكليفية ، بخلاف النجاسة والطهارة ونحوهما مما يكون متعلقا بنفس الأمر الخارجي الخاص ومحمولا عليه ، كاللحم الذي لا يتبدل عرفا باختلاف العوارض المذكورة ، فإنه يجري الاستصحاب فيها على ما يأتي توضيحه في مباحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.