الأمر الثالث : قد تضمنت كثير من النصوص الحث على العمل الذي ورد عليه الثواب. كصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : «من بلغه عن النبي صلّى الله عليه وآله من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يقله» (١) ، وصحيحه الآخر عنه عليه السّلام ، قال : «من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه» (٢) ، وخبر محمد بن مروان عنه عليه السّلام ، قال : «من بلغه عن النبي صلّى الله عليه وآله شيء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي صلّى الله عليه وآله كان له ذلك الثواب وإن كان النبي صلّى الله عليه وآله لم يقله» (٣) وغيرها.
وقد وقع الخلاف في مفاد النصوص المذكورة ، والمحتمل منها بدوا وجوه ..
الأول : حجية الخبر الدال على الثواب مطلقا وإن كان ضعيفا في نفسه. وهو ظاهر التعبير عن مؤدى النصوص في كلماتهم بالتسامح في أدلة السنن لظهوره في أن ما ليس حجة في نفسه فهو حجة في السنن.
الثاني : علّية بلوغ الثواب على العمل لاستحبابه شرعا بعنوانه الأولي الذي اخذ في موضوع الثواب.
الثالث : عليته لاستصحاب العمل شرعا أيضا ، لكن بقيد الاتيان به رجاء إدراك الواقع وترتب الثواب ، لا مطلقا ، كما في الوجه السابق.
الرابع : مجرد ترتب الثواب على العمل الذي ورد عليه الثواب لمن جاء به برجاء إدراك الواقع من دون أن يقتضي استحبابه شرعا والأمر به مولويا ، بل غاية ما يقتضي الحث على الانقياد والإرشاد لحسنه بملاك ترتب الثواب عليه. وعليه فلا تكون النصوص المذكورة دالة على حكم شرعي أصلا ، بخلاف الوجوه
__________________
(١) الوسائل ج ١ ، باب : ٨ من أبواب مقدمة العبادات ، حديث ٣.
(٢) الوسائل ج ١ ، باب : ١٨ من أبواب مقدمة العبادات ، حديث ٦.
(٣) الوسائل ج ١ ، باب : ١٨ من أبواب مقدمة العبادات ، حديث ٤.