منتزعة من الأحكام التكليفية ، إلا أن مصحح اعتبارها ترتب بعض الأحكام المناسبة لها شأنا واقتضاء ، وهذا بخلاف الملكية الثابتة له تعالى ، فإنها سنخ آخر لا تقتضي عقلا إلا ما ذكرنا من سلطانه تعالى على المنع.
على أن الوجه المذكور مبتن على فرض خلو الواقعة عن الحكم ، وهو فرض لا واقع له.
وأما على الوجه الثاني ، فالظاهر هو التوقف ، ولا طريق لإثبات أحد الحكمين.
ومجرد ملكه تعالى للعبد وأفعاله لا يقتضي الحرمة الواقعية الشرعية ..
أولا : لعدم الدليل على حرمة التصرف شرعا مع مثل هذه الملكية الحقيقية منه تعالى ، وإنما ثبتت حرمة التصرف من غير إذن المالك مع الملكية الاعتبارية بدليل خاص.
وثانيا : لاحتمال ترخيصه تعالى واقعا.
كما لا مجال للاستدلال على الإباحة بأنها منفعة خالية عن أمارات المفسدة ، كما عن القوانين. لعدم كفاية ذلك ـ لو تم ـ في إثبات الاباحة الواقعية.
وأما الوجه الثالث ، فحيث كان راجعا إلى محل الكلام فيظهر الحال فيه مما يأتي إن شاء الله تعالى.
الأمر السادس : عرفت أن المهم في المقام هو الكلام في الاصول الأربعة. وقد اهتم غير واحد بتحديد مجاريها قبل البحث عنها ، وهو تكلف لا داعي له ، لأن التحديد المذكور يبتني على الكلام فيها وفي أدلتها ، وهو يختلف باختلاف الأنظار ، فالأنسب الإعراض عن ذلك ، وإيكاله إلى ما يظهر بعد الكلام فيها والانتهاء منها ، إن شاء الله تعالى.
نعم ، ينبغي التعرض هنا لمنهج البحث وتبويبه ...
فنقول : بعد فرض عدم قيام الحجة في الواقعة ..