أحدهما ونجاسة الآخر ملاق ، فإن العلم الإجمالي لما لم يقتض الاجتناب عنه كان لاستصحاب نجاسة الملاقى أثر عملي مصحح لجريانه ، وليس الأثر المذكور منافيا للعلم الإجمالي ليمنع من جريانه ، بخلاف ما لو كان لكل منهما ملاق ، لأن العلم الإجمالي الملاقيين مانع من جريان الأصل في الطرفين لعين الملاك المتقدم.
نعم ، يجري الأصل في الطرفين معا في مثل من توضأ بمائع مردد بين الماء والبول ، فإن أثر الأصل في كل طرف لا ينافي العلم الإجمالي عملا ليمنع من جريانه ، ولا يستند له ليلغو جريانه.
وبالجملة : لا بد في جريان الأصل من ترتب العمل عليه بنحو لا يترتب على العلم ، ولا ينافيه عملا ، إذ لو كان مترتبا على العلم كان التعبد بالأصل لغوا ، وان كان منافيا له كان العلم مانعا منه لحجيته ذاتا ، ولا يختص ذلك بما إذا لزم الترخيص في المعصية ، بل ليس محذور الترخيص في المعصية إلا من صغريات ذلك.
ثم إن سيدنا الأعظم قدّس سرّه قد رتب على ذلك أنه لو علم إجمالا بحرمة شيء واستحباب آخر امتنع الرجوع لأصالة البراءة في محتمل الحرمة وسائر القواعد النافية للتكليف عقلية كانت أو شرعية ، لأن العلم الإجمالي بيان على الواقع مصحح للعقاب على مخالفته.
وقد ذكر ذلك في مباحث خلل الوضوء من مستمسكه (١).
وكأن الوجه في ذلك : أن حجية العلم الإجمالي في المقام تقتضي تنجيز المعلوم بالإجمال على إجماله ، فيجب الفراغ عن الحرمة التي يحتمل انطباق المعلوم بالإجمال عليها ، لتنجزها بذلك ، ويمتنع مع ذلك الرجوع للقواعد
__________________
(١) راجع ج : ٢ المسألة : ٤٢ و ٤٤ من فصل شرائط الوضوء.