المقام الثاني : في الموافقة القطعية
والمعروف المشهور وجوبها في المقام ، وعن بعض دعوى الإجماع عليه ، وإن كان القول بجواز تركها والاكتفاء بالموافقة الاحتمالية محكيا عن بعض ، وليس هو شاذا كإنكار حرمة المخالفة القطعية.
وكيف كان ، فجواز ترك الموافقة القطعية ..
إما أن يكون لدعوى : قصور العلم الإجمالي عن اقتضائها.
أو لدعوى وجود المانع بعد فرض تمامية اقتضائه لها في نفسه.
أما الاولى فيظهر اندفاعها مما تقدم في مباحث القطع ، من أن العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي في التنجيز ، وما تقدم في التمهيد لمحل الكلام من أن تنجيز التكليف يقتضي بحكم العقل لزوم إحراز الفراغ عنه المساوق لوجوب الموافقة القطعية ، وهو المراد بقاعدة : (ان الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني.
وقد يظهر خلاف ذلك ، مما حكاه شيخنا الأعظم قدّس سرّه عن المحققين الخونساري والقمي قدّس سرّهما حيث ذكرا في دوران الواجب بين أمرين أن الدليل إذا دل على وجوب شيء معين في الواقع مردد عندنا ـ كما في اختلاف الامة على قولين ـ حرم ترك كلا الأمرين ، للعلم بحصول العقاب به ، وجاز الاكتفاء بأحدهما في الخروج عن العقاب ، لعدم الدليل على وجوب الجمع بينهما حينئذ.
بل ذكر المحقق القمي قدّس سرّه أن التكليف بالأمر المجمل على إجماله مستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة الذي اتفق أهل العدل على استحالته.
نعم ، ذكرا أنه لو فرض دلالة الدليل على وجوب الشيء المعين في الواقع من دون اشتراطه بشيء من العلم كان الواجب الاحتياط بالجمع بين المحتملين.