القسم السابق من أن المرجع مع الشك هو الأصل الجاري في الطرف المبتلى به المقتضي للسعة فيه. فتأمل جيدا. والله سبحانه وتعالى العالم العاصم وهو ولي التوفيق والتسديد.
ومما ذكرنا يظهر الحال فيما لو كان بعض الأطراف موردا لعلم إجمالي بتكليف آخر ، أو طرفا لعلم إجمالي كذلك. فالأول كما لو علم بنجاسة واحد من عشرة أوان منها خمسة بيض يعلم بوجود مغصوب بينها والثاني كما لو علم بنجاسة واحد من عشرة أوان ، منها ثلاثة بيض قد علم بوجود مغصوب بينها أو بين ثلاثة بيض اخرى خارجة عن العلم الإجمالي بالنجاسة.
فإن العلم الإجمالي القائم ببعض الأطراف في الأول ، والشامل لها في الثاني إذا كان منجزا مقتضيا للعمل بالإضافة الى تلك الأطراف ، منع من منجزية العلم الإجمالي الآخر الشامل للأطراف المذكورة ، فلا يصلح لتنجيز بقية أطرافه ، فيجوز الرجوع في غير البيض من العشرة في المثالين إلى الاصول الترخيصية الجارية فيها.
من دون فرق بين احتمال اتحاد التكليفين المعلومين بالإجمال موردا ، وعدمه ، كما لو علم بأن النجس على تقدير وجوده في البيض من العشرة فهو في غير المغصوب منها.
وذلك لأن المانع من منجزية العلم الإجمالي ليس هو اتحاد التكليفين المعلومين بالإجمال موردا ، بل هو كون أحد التكليفين مقتضيا لعمل المكلف بنحو لا يكون المعلوم بالإجمال مما يعلم بترتب العمل عليه بنحو زائد على ما اقتضاه العلم الأول ، ولا يفرق في ذلك بين كون العمل ناشئا من كون الطرف موردا للتكليف الآخر عينا وكونه طرفا للعلم الإجمالي به.
بقي في المقام أمر ينبغي الكلام فيه وهو أن عروض ما يمنع من فعلية التكليف في بعض الأطراف ..