للملاقي عدم توقف اطاعته على اجتنابه ، لو لا ذلك لزم البناء على اجتناب ما يحتمل ملاقاته للنجس.
ومجرد الفرق بين ما نحن فيه وبينه بعدم العلم بتحقق الملاقاة فيه بخلاف ما نحن فيه حيث يعلم بتحققها ـ ليس فارقا بعد كون المعلوم في ما نحن فيه مطلق الملاقاة لا ملاقاة النجس. فتأمل.
الأمر الثاني : المتصور بدوا في تنجس الملاقي وجهان :
الأول : أن يكون من باب السراية والانبساط في نجاسة الملاقى ، بمعنى أن نجاسة الملاقى بنفسها تتسع بنحو تشمل الملاقي وتعرض عليه ، نظير الحرارة الشديدة في الماء التي تسري إلى ما يختلط به.
الثاني : أن يكون من باب التسبيب بحيث تكون للملاقي نجاسة اخرى غير نجاسة الملاقي ناشئة منها ومسببة عنها شرعا.
وأما ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه من فرض وجه ثالث ، وهو محض التعبد من دون تسبيب ولا سراية ، بأن يكون الملاقي موضوعا مستقلا في عرض الملاقى قد حكم الشارع عليه بالنجاسة بشرط الملاقاة.
فالظاهر رجوعه إلى الثاني ، إذ لا يراد بالتسبيب إلا السببية الشرعية الراجعة إلى موضوعية الملاقاة للنجاسة.
إلا أن يفرق بينهما بابتناء الثاني على مقايسة الانفعال الشرعي في المقام بالانفعال العرفي في القذارات العرفية ، فكما أن العرف يستقذر الملاقي ويرى حمله القذارة من الملاقى كذلك الشارع ، وابتناء الثالث على إهمال ذلك ومحض التعبد نظير الحكم بنجاسة الكافر.
وكيف كان ، فلا إشكال على الوجهين الاخيرين ، وأما على الأول فقد يدعى أن اللازم اجتناب الملاقي ، لأن نجاسته تكون عين نجاسة الملاقى التي هي طرف العلم الإجمالي ومن مراتبها ، فيكون العلم الإجمالي منجزا لهما معا.