إذا عرفت هذا ، فاعلم أنه قد استدل على عدم وجوب اجتناب أطراف الشبهة المحصورة بامور ..
الأول : الإجماع ، ففي جامع المقاصد : «الظاهر أنه اتفاقي» وعن الروض التصريح به ، وعن الوحيد في فوائده : «عدم وجوب الاجتناب عن غير المحصور مجمع عليه بين الكل ، ولا ريب فيه ، ومدار المسلمين في الأعصار والأمصار كان على ذلك». وفي الجواهر : «للإجماع بقسميه ، وللسيرة المستقيمة» ، بل عن بعضهم دعوى الضرورة عليه في الجملة.
وكأن ذلك بلحاظ السيرة التي اشير اليها في كلام الوحيد والجواهر ، حيث لا مجال لإنكارها ، لوضوحها ، كما لا مجال لتخطئتها لعمومها للمتدينين ، بل ينسب مخالفها للوسواس ، بل لو لا ذلك لاختل نظام المعاش والمعاد.
ولعل دعوى الإجماع مبنية على السيرة المذكورة أيضا ، لقلة المتعرضين للعنوان المذكور وتأخر عصورهم ، كما يظهر بمراجعة مفتاح الكرامة. فكأن الإجماع المدعى ارتكازي مستند للسيرة المشار إليها.
ومنه يظهر أنه لا مجال للإشكال في الاستدلال المذكور بعدم كون الإجماع تعبديا ، لقرب استناده لأحد الوجوه الآتية أو غيرها ، فيلزم النظر في دليله.
لاندفاعه : بأن استناد الإجماع والسيرة والضرورة لأحد الوجوه المذكورة وإن كان قريبا ، إلّا أنه لا مجال لاحتمال خطئها لو فرض عدم تمامية الوجوه المذكورة عندنا ، لوضوحها وارتكازيتها ، لاتصالها بعصر المعصومين عليهم السّلام ، لما هو المعلوم لكل أحد في العصور المذكورة من كثرة ابتلاء الناس بالمحرمات الواقعية ووجودها في ما يتعرضون له من حوائجهم وأعمالهم ، بنحو يستلزم العلم الإجمالي لكل أحد غالبا ، فلو كان الاحتياط واجبا لحصل التنبه له ، أو التنبيه عليه ، بنحو يمنع من وقوع السيرة وجري النظام عليها.