ليكون داعيا للمكلف نحو العمل ومنشأ للسبيل عليه ، وذلك إنما يتم مع إمكان التفات المكلف إلى تحقق موضوع التكليف في حقه ، وحيث يمتنع التفات الناسي إلى نسيانه إلا بعد ارتفاعه لم يصلح التكليف للداعوية نحو العمل في حقه ، فيكون الخطاب به لغوا.
وقد حاول غير واحد توجيه تكليف الناسي بما عدا الجزء المنسي ، بحيث يكون الناقص منه امتثالا ، بأحد وجوه ..
الأول : ما حكاه بعض الأعاظم قدّس سرّه عن بعض تقريرات درس شيخنا الأعظم قدّس سرّه من أن امتثال التكليف لا يتوقف على قصده تفصيلا ، بل يكفي قصده إجمالا ولو مع الخطأ في التطبيق ، ويتسنى للناسي قصد الأمر الفعلي المتوجه إليه الذي اخذ فيه النسيان ، وإن تخيل أنه الأمر المتوجه للملتفت ، لغافلته عن نسيانه.
وأما ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه من عدم كفاية ذلك بناء على أن الدعوة والانبعاث عن الأمر من لوازم وجوده العلمي ، ومع فرض الغافلة عن النسيان وعدم الالتفات إلى الأمر الذي يخصه ولو إجمالا لا يكون الداعي والباعث إلا أمر الملتفت ، الذي لم يتوجه إليه حقيقة.
ففيه : ـ مع الغض عن عدم وضوح دخل المبنى المذكور في ذلك ـ أن الغافلة عن النسيان إنما تستلزم عدم الالتفات إلى الأمر الذي يخصه تفصيلا ، ولا تنافي الالتفات إليه إجمالا بعنوان كونه الأمر الفعلي المتوجه إليه ، نظير الغافلة عن خروج الوقت المستلزمة لعدم الالتفات إلى أمر القضاء تفصيلا ، وإن أمكن الالتفات إليه إجمالا بالوجه المذكور.
نعم ، قصد الأمر الواقعي بالوجه المذكور وإن كان ممكنا إلا أنه ليس بناؤهم ظاهرا على دوران الصحة مداره ، ودعوى تحققه دائما لا تخلو عن خفاء.