وهي أن جهة الكلام في ذلك تختلف عن جهة الكلام في ما سبق ، للاختلاف بينهما في مقام الجعل والامتثال.
أما مقام الجعل فلفرض أن التخيير هناك على تقديره ناشئ عن غرض واحد ، كما هو ظاهر الخطاب ، فليس هناك إلا تكليف واحد تخييري ناشئ عن ملاك واحد قائم بكلتا الخصوصيتين ، ومن ثمّ أمكن هناك فرض تعلق التكليف بالقدر المشترك بينهما ، وهو الأمر المنتزع منهما المعبر عنه بعنوان أحدهما وإن كان هو خلاف التحقيق.
بخلاف المقام ، إذ لا إشكال في تعدد التكليف ذاتا ، لتعدد الغرض الناشئ منهما ، وحينئذ لا وجه لصرف التكليف التخييري الى القدر المشترك ، بل ليس المكلف به إلا كلّا منهما ، لاختصاص غرضه به.
فلا مجال هنا لما تقدم من بعض مشايخنا هناك من توجيه العمل على التخيير بلزوم المتيقن والبراءة من التقييد بالخصوصية.
غايته أنه لا بد من الالتزام بتقييد التكليف بكل منهما بصورة عدم الإتيان بالآخر.
وربما قيل بسقوط التكليفين معا والتخيير بين الطرفين عقلا ، وإن كان الظاهر عدم تمامية ذلك ، لعدم الموجب لسقوط التكليفين رأسا بعد إمكان الجمع بينهما بالوجه المذكور.
بل لو فرض سقوطهما لم يبق مجال لحكم العقل بالتخيير ، لاختصاصه بتشخيص الوظيفة في مقام امتثال التكليف بعد الفراغ عن جعله ، فالظاهر أن تخيير العقل بين الطرفين متفرع على التكليف بهما بالوجه المذكور ، ليكون راجعا إلى مقام الامتثال.
وأما مقام الامتثال فلأنه مع الخروج هناك عن مقتضى التعيين عند الدوران بينه وبين التخيير لا يعلم بحصول شيء من الغرض ، فلا يعلم بالامتثال ،