نعم ، لو اريد بالتمامية مجرد حصول تمام ما هو المتنجز الواصل وإن لم يحرز أنه تمام المطلوب لم يحتج في ذلك إلى أدلة البراءة ، للعلم بحصوله بمجرد الشك في جزئية الزائد أو شرطيته وفرض عدم تنجزه.
كما أن الظاهر كفاية ذلك في مقام التقرب والامتثال ، فلا يعتبر إحراز كون المأتي به تمام المطلوب ، ولذا أمكن التقرب في الواجب المردد بين الأقل والأكثر مع الاقتصار على الأقل ، والتفريق بين الواجب والمستحب بلا فارق.
وبالجملة : لا مجال للفرق في شمول أدلة البراءة للأحكام غير الإلزامية بين الأحكام الاستقلالية والضمنية بعد اشتراكها في الجهات المقتضية للجريان أو عدمه مما تقدمت الإشارة إليه.
وأما العلم الإجمالي بالحكم الاقتضائي غير الإلزامي مع إمكان الاحتياط فالظاهر أن ما تقدم في وجه منجزية العلم الإجمالي جار فيه ، وإنما يختلف الحكم الإلزامي عن غيره بأن ترتب العقاب على معصيته موجب لمنع العقل من الإقدام على احتمال مخالفته مهما زوحم بالجهات الخارجية الموجبة لصعوبة إحراز امتثاله في فرض جعله ، ومنها صعوبة الاحتياط الناشئة من تكثر الأطراف في فرض العلم الإجمالي ، لأهمية العقاب بنحو لا يصلح شيء منها لمزاحمته.
أما غيره من الأحكام فكما يصح للمخاطب بها الإقدام على مخالفتها القطعية يصح الإقدام على مخالفتها الاحتمالية بسبب صعوبة الاحتياط الناشئة عن تعدد الأطراف في ظرف العلم الإجمالي.
نعم ، لا مجال لارتفاع حسن الاحتياط فيها ذاتا مع العلم الإجمالي ، كما لا يرتفع حسن إطاعتها مع العلم التفصيلي ، وإن كان قد يزاحم بما هو أهم.
ثم إن الظاهر جريان ما تقدم في تنبيهات مباحث العلم الإجمالي من سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية في بعض الأطراف أو انحلاله في الأحكام