الثالث : المرسل عن الفقيه : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (١). وذكر غير واحد من محشي الرسائل أن في بعض طرق الحديث : «حتى يرد فيه أمر أو نهي» : أو : «حتى يرد أمر أو نهي» كما عن أمالي الشيخ قدّس سرّه ، وعن العوالي : «قال الصادق عليه السّلام : كل شيء مطلق حتى يرد فيه نص».
قال شيخنا الأعظم قدّس سرّه بعد ذكر مرسل الفقيه : «ودلالته على المطلوب أوضح من الكل ، وظاهره عدم وجوب الاحتياط ، لأن الظاهر إرادة ورود النهي في الشيء من حيث هو ، لا من حيث كونه مجهول الحكم. فإن تم ما سيأتي من أدلة الاحتياط دلالة وسندا وجب ملاحظة التعارض بينها وبين هذه الرواية وأمثالها ...».
وما ذكره قريب جدا.
نعم ، لو فرض تمامية أدلة الاحتياط لم يبعد الجمع بينها وبين الروايات المذكورة بحمل هذه الروايات على ما يعم ورود النهي الثانوي.
هذا ، وقد يستشكل في دلالة الرواية بوجهين :
الأول : ما أشار إليه المحقق الخراساني قدّس سرّه من انه يكفي في ورود النهي وروده إلى بعض المكلفين وإن خفي على غيرهم ، وحينئذ لا مجال للاستدلال بالحديث لاحتمال ذلك في مورد الشك بالتكليف ، إلا في الامور المستحدثة التي يعلم بعدم ابتلاء المكلفين المعاصرين لدور تبليغ الاحكام بها ، بحيث يعلم بعدم ورود النهي لأحد من المكلفين فيها.
ولو اريد من المكلفين ما يعم المعصومين عليهم السّلام امتنع الاستدلال حتى في المسائل المذكورة. نعم ، قد يستدل بضميمة أصالة عدم ورود النهي ، وهو أمر آخر.
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ : باب ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٦٠.