مهمتين.
نعم ، لو كان التعليل مسوقا لبيان أن الشبهة الحكمية أهون من الشبهة الموضوعية كان ظاهرا في الاختصاص ولزم محذور التفكيك بين الجهالتين.
لكنه لا قرينة عليه ، بل هو مناف لقوله : «إحدى الجهالتين أهون من الاخرى». فلاحظ.
الخامس : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» (١) ، ونحوه خبر عبد الله بن سليمان الوارد في الجبن ، ومرسل معاوية بن عمار (٢).
وعن الشهيد في الذكرى الاستدلال بذلك على ما نحن فيه.
وقد استشكل فيه شيخنا الأعظم قدّس سرّه بأن ظاهر صدره فرض انقسام الشيء فعلا إلى الحلال والحرام ، وأن الانقسام هو منشأ الاشتباه الذي هو موضوع الحكم بالحلية الظاهرية ، وهو إنما يتم في الشبهات الموضوعية ، حيث قد يكون الانقسام فيها سببا للاشتباه ، كالجبن الذي يعلم أن قسما منه محرم ، لأن فيه ميتة ، وقسما منه حلال لا ميتة فيه ، فيشتبه حال بعض أفراده بسبب ذلك.
أما الشبهات الحكمية فلا يتصور فيها ذلك ، إذا الشك فيها ناشئ عن فقد الدليل ، لا عن الانقسام المذكور. فالحيوان وإن كان منقسما إلى ما هو حلال وحرام ، كالضأن والخنزير ، إلا أن الانقسام المذكور لا يكون سببا للاشتباه في المشكوك كالأرنب ، بل الشك فيه ناشئ من فقد الدليل عليه ولو مع فرض عدم الانقسام المذكور.
ولا مجال لتوهم أن ذكر الانقسام في الخبر ليس لكونه منشأ للاشتباه ، بل
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٢ باب ٤ ، من أبواب ما يكتسب به ح ١.
(٢) الوسائل ، ج ١٧ باب ٦١ ، من أبواب الاطعمة المباحة ح ١ ، ٧.