نعم ، لو فرض ظهور العنوان المكلف به في نفسه والشك في محققه الخارجي لزم الفراغ عنه ، كما في موارد الشك في المحصل. ولعله يأتي في التنبيه الثاني ما ينفع في المقام.
تنبيهات
التنبيه الأول : في الشبهة الموضوعية
تقدم أن همّ الاصولي البحث عن حكم الشبهات الحكمية التحريمية أو الوجوبية ، وأن الشبهات الموضوعية خارجة عنه ، إلا أنها داخلة في ملاك البحث ، لشمول أكثر الوجوه المتقدمة للبراءة والاحتياط لها ، كما أشرنا إليه.
ولأجل ذلك يتعين البناء فيها على البراءة. بل بعض النصوص صريح في إرادتها ، كموثقة مسعدة بن صدقة المتقدمة ، ولعله لذا حكي الإجماع على عدم وجوب الاحتياط فيها حتى من الأخباريين.
نعم ، قد يتوهم وجوب الاحتياط فيها ، لأنه مع فرض البيان الشرعي على التكليف لا تجري أدلة البراءة منه ، بل يتنجز ، فيجب الفراغ عنه بالاحتياط في جميع موارد الشبهات الموضوعية.
وفيه : أن الجعل الشرعي للحكم الكلي لا يقتضي فعلية التكليف الصالح للاشتغال والمقتضي للامتثال إلا بفعلية موضوعه ، فمع فرض الشك في ذلك لا يعلم بثبوت التكليف كي يجب إحراز الفراغ عنه.
وبعبارة اخرى : الأدلة الشرعية إنما تقتضي العلم بالكبريات الشرعية ، وهي لا تقتضي العلم بالنتيجة ـ وهي الحكم الفعلي الموضوع للطاعة والمعصية ـ إلا بعد إحراز الصغرى ، فمع فرض عدم إحرازها لا يكون التكليف الفعلي معلوما ، كي يمتنع جريان أدلة البراءة منه.
ومنه يظهر أنه لا مجال لتوهم أنه لو فرض العلم بفعلية التكليف للعلم