كما أن منشأ الملازمة قد يكون شرعيا ، كالمثال الأول والثالث والخامس ، وقد لا يكون كذلك كبقية الأمثلة.
وقد تردد في كلماتهم نهوض الأمارة بإثبات الأثر العملي مع الواسطة في جميع موارد الملازمة المتقدمة ، أما الاستصحاب وسائر الأصول فقد وقع الكلام منهم فيها ، فالمعروف بين المتأخرين عدم نهوضها إلا بإثبات الأثر العملي المترتب مع الملازمة الشرعية في مورد تكون الواسطة مسببة عن مجرى الأصل ، فلا يحرز بالأصل إلا مجراه أو ما يترتب على مجراه شرعا من أحكام وآثار ولو مع تعدد الوسائط ، دون ما يكون سببا لمجراه شرعا ، أو يترتب عليه بملازمة غير شرعية ، وهي المسألة المعبر عنها في كلماتهم بعدم حجية الأصل المثبت.
أما القدماء فقد يظهر منهم التوسع في العمل بالأصل والتمسك به في بعض موارد الملازمات غير الشرعية.
ولعله ناشئ عن الغافلة عن حالها ، حيث لم يتوجهوا لذلك ولا اهتموا بضبط موارده ، وإلا فمن البعيد جدا ذهابهم إلى عموم العمل بالأصل مع الملازمة ، بل لا ريب في عدم بنائهم على العموم المذكور على سعته بعد النظر في طريقتهم في الرجوع للأصول.
وكيف كان فالكلام في توجيه عدم الرجوع للأصل المثبت قد يبتني على الكلام في مفاد الاستصحاب ونحوه من الأصول الإحرازية.
ولهم في ذلك مبان مختلفة ينبغي التعرض لها ، مع الكلام في توجيه المطلوب عليها ..
الأول : أن مفاد الاستصحاب تنزيل مؤداه منزلة الواقع ، حيث قد يدعى أن مقتضى إطلاق التنزيل ترتب جميع آثار الواقع الشرعية المقتضي لترتب آثارها وآثار آثارها ، وهكذا مهما تسلسلت الآثار الشرعية ، لتبعية الأثر لموضوعه.