الأمر الرابع : تقدم أن استصحاب الحكم التكليفي إنما ينفع بلحاظ ترتب العمل عليه بلا واسطة. كما أن استصحاب الحكم الشرعي أو الموضوع الخارجي إنما ينفع بلحاظ ترتب أثره الشرعي ، بضميمة الملازمة العرفية بين التعبد بالشيء والتعبد بأثره.
ومن هنا فقد يستشكل في الاستصحابات العدمية في موردين ..
المورد الأول : استصحاب عدم التكليف.
وقد يستشكل فيه بوجهين ..
الأول : أن عدم التكليف ليس أمرا مجعولا للشارع ، فإن المجعول هو الأحكام الخمسة لا عدمها ، وإلا كانت الأحكام عشرة لا خمسة.
وقد دفع ذلك المحقق الخراساني قدّس سرّه بأن عدم التكليف وإن لم يكن حكما شرعيا إلا أن رفعه ووضعه تابع للشارع ، لأن سلطان الشارع على الحكم مستلزم لسلطانه على عدمه ، وذلك كاف في جريان الاستصحاب ، ولا يعتبر فيه كون المستصحب حكما شرعيا ، لعدم الملزم بذلك بعد صدق نقض اليقين بالشك.
هذا ، ولا يخفى أن مبنى الإشكال والدفع على ما هو مذهب غير واحد من أن مفاد الاستصحاب جعل الحكم المماثل ظاهرا.
وقد أشرنا عند الكلام في استصحاب مؤدى الطرق والأصول ، وفي أوائل هذا الفصل ، إلى بطلان المبنى المذكور ، وأن مفاد الاستصحاب ـ كسائر الطرق والأصول الإحرازية ـ هو التعبد بالمؤدى ولزوم البناء عليه ، وهو لا يختص بالأحكام الشرعية ، ولا بما يكون تحت سلطان الشارع ، بل يجري في الامور الخارجية التي لا دخل للشارع بها.
غايته أنه لا بد من ترتب العمل عليه ، وقد تقدم تقريب ترتبه على استصحاب التكليف بأن إحراز التكليف بالتعبد الشرعي كاف في المنجزية