يؤخذ في موضوعها إلا الشك.
والظاهر أن المباني الثلاثة التي تقدم التعرض لها في الأمر الأول تجري هنا ، كما يظهر بالنظر في كلماتهم وأدلة الاستصحاب وبقية الأصول.
فالمناسب النظر في كل منها على حدة ..
المبنى الأول : أن أدلة الاستصحاب واردة على أدلة الأصول المذكورة ، كما يظهر من المحقق الخراساني قدّس سرّه وقد يقرب بوجهين :
الأول : ما ذكره قدّس سرّه في حاشيته على الرسائل فإنه ـ بعد أن وجه ورود أدلة الأمارات على الاستصحاب بما تقدم من أن نقض اليقين في مورد الأمارة بالأمارة لا بالشك ، وأنه يرجع إلى نقض اليقين باليقين بوجه ـ قال : «ثم إن وجه تقديم الاستصحاب على سائر الأصول هو بعينه وجه تقديم الأمارات عليه ، فإن المشكوك معه يكون من وجه وبعنوان مما علم حكمه وإن شك فيه بعنوان آخر ، وموضوع الأصول هو المشكوك من جميع الجهات».
وفيه .. أولا : أن ما ذكره من أن موضوع الأصول هو المشكوك من جميع الجهات إن أراد به الشك في الحكم الواقعي مطلقا وإن كان ثانويا ـ كحرمة الغصب ـ فهو مسلم ، إلا أن الاستصحاب لا يوجب العلم بالحكم بالمعنى المذكور ، ليصلح لرفع موضوع الأصول ، بل يوجب العلم بالوظيفة العملية الظاهرية غير المنافية للشك في الحكم الواقعي.
وإن أراد به الشك الموجب للتحير ، الراجع إلى عدم العلم حتى بالوظيفة العملية ، المرتفع بالاستصحاب ، فهو غير مسلّم في الأصول الشرعية ، بل الظاهر اختصاص موضوعها بالشك في الحكم الواقعي ، وإنما يسلم في الأصول العقلية ، وما جرى مجراها من البيانات الشرعية ، كقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ