ومجرد اختصاص القضية الارتكازية بذلك ـ مع أنه لا ينفع في احتياط الاخباريين الذي هو تعبدي محض لا ارتكازي ـ لا يكفي فيه بعد عدم الإشارة في أدلة هذه الأصول إلى القضية المذكورة ، وإنما استفيد ذلك في الاستصحاب لسوق كبرى عدم نقض اليقين بالشك مساق التعليل بالامر الارتكازي.
نعم ، لو ثبت تقديم الطرق والأصول الإحرازية على هذه الأصول فربما يكون وجه الجمع العرفي حينئذ الحمل على ذلك بعد فرض التنافي بدوا.
إن قلت : لازم ذلك تقديم الأصول التعبدية ، كأصالتي الحل والطهارة على الاستصحاب ، لصلوحها لرفع موضوعه بعد فرض كون اليقين مأخوذا فيه على نحو الطريقية ، دون العكس ، ولا يظن من أحد الالتزام بذلك.
قلت : لما كان موضوع هذه الأصول محض الشك ، فإطلاقها بنحو يشمل مورد الاستصحاب يقتضي ترتب الأثر على الشك الخاص ونقض اليقين السابق به ، فينافي دليل الاستصحاب المتضمن لعدم نقض اليقين بالشك ، وإنما لم ينافه دليل الأمارة ، لأنه يقتضي نقض اليقين بها ، لا بالشك المقارن لها. وقد تقدم في توجيه تقريب ورود الأمارة على الاستصحاب ما له نفع في المقام. فراجع. (١)
هذا تمام الكلام في توجيه الورود في المقام. ولم يتضح حتى الآن ما ينهض بتوجيهه ، فلا مجال للبناء عليه.
المبنى الثاني : أن الاستصحاب حاكم على الأصول المذكورة ، كما يظهر من جملة من الأعاظم ، وقد سبقهم لذلك شيخنا الاعظم قدّس سرّه فإنه بعد اعترافه دفعا لتوهم الورود بظهور أدلة البراءة ـ ومنها حديث الإطلاق ـ في كون موضوعها الشك في النهي الواقعي بلحاظ عنوانه الذاتي ، لا ما يعم الظاهري الوارد عليه بعنوان كونه مشكوك الحكم ، قال : «إن دليل الاستصحاب بمنزلة معمم للنهي السابق بالنسبة إلى الزمان اللاحق ، فقوله : «لا تنقض اليقين بالشك» يدل على أن
__________________
(١) تقدم في صفحة : ١٦٠.