تقدم في خبر الواحد ، فقد ذكرنا هناك أن سيرة العقلاء إن كانت ناشئة عن أمر خارج عنهم من حاجة ملحة أو إرشاد مرشد أو نحوهما كانت حجيتها موقوفة على إمضاء الشارع لها ، فيكون الإمضاء تمام المقتضي للحجية ، وإن كانت ناشئة عن مرتكزاتهم التي أودعها الله تعالى فيهم وغرائزهم التي فطرهم عليها كانت تمام المقتضي للحجية من دون حاجة للإمضاء ، بل لا بد في رفع اليد عنها من ثبوت ردع الشارع عنها.
ومن الظاهر أن السيرة المدعاة في المقام من القسم الثاني.
وقد وقع الكلام بينهم في صلوح عموم النهي عن العمل بغير العلم للردع عنها.
وقد ذكرنا في خبر الواحد ما قيل في وجه عدم صلوح العموم المذكور للردع ، وأجبنا عنه بما يجري هنا.
كما أشرنا هناك إلى ما تقدم منا في تأسيس الأصل في الحجية من عدم ثبوت العموم المذكور بنحو يصلح للاحتجاج ، ليستفاد منه الردع هنا أو هناك. فراجع وتأمل جيدا.
الأمر الثالث : ما أشار إليه شيخنا الأعظم قدّس سرّه في عرض استدلالهم من أن الثابت في الزمان الأول لازم البقاء في الزمان الثاني ما لم يتجدد مؤثر العدم ، فإذا لم يعلم بتحقق مؤثر العدم فالراجح بقاؤه ، فيجب العمل عليه.
ولا يخفى اختصاص ذلك بصورة الشك في طروء الغاية والرافع ، ولا يجري مع الشك في المقتضي ، لعدم احتياج الارتفاع فيه إلى حدوث مؤثر العدم ، بل يكفي فيه انتهاء أمد المقتضي.
إلا أن يراد من مؤثر العدم ما يعم ذلك ، فيرجع إلى ما عن العضدي وغيره من أن ما تحقق وجوده ولم يعلم أو يظن عدمه فهو مظنون البقاء.
وكيف كان ، فهو يندفع ..