هذا ، وقد أشار المحقق الخراساني قدّس سرّه إلى وجه آخر في دفع الإشكال ، وحاصله : أن الانصرام والتدرّج في التدريجيات إنما هو في الحركة القطعية ، وهى كون الشيء في مكان أو حال غير ما كان فيه في الآن السابق ، فهو في خلع ولبس مستمر. أما الحركة التوسطية ، وهي كونه بين المبدأ والمنتهى ، الملازم لقطعه المسافة بينهما ، فلا تدرج ولا تصرم فيها ، بل هي من الامور القارة لأنها أمر بسيط منتزع من سيره بين الحدين.
ويشكل : بأن ما هو الأمر الحقيقي هو كون الشيء في كل ان في حال أو مكان مباين لما كان عليه في الآن السابق ، وهو عبارة عن تباين الحالات المتعاقبة عليه. وليست الوحدة المصححة للاستصحاب إلا وحدة اعتبارية ، إما بلحاظ الوحدة بين الحالات المتعاقبة ، بفرضها أمرا واحدا مستمرا ، الذي هو قوام الحركة القطعية ، أو بلحاظ ما ينتزع منها من كونه حال سيره بين الحدين ، الذي هو قوام الحركة التوسطية.
فان لم تكن الوحدة الاعتبارية مصححة لجريان الاستصحاب لم ينفع ملاحظة الحركة التوسطية في البين ، وإن كانت مصححة له أمكن جريانه بلحاظ كلتا الحركتين ، ويكون المدار على ما يفهم من الأدلة في تعيين موضوع الأثر منهما.
بقي في المقام تفصيلان ينبغي الإشارة إليهما ..
الأول : ما يظهر من المحقق الخراساني قدّس سرّه ، وتوضيحه : أن الشك في استمرار العرض التدريجي ـ كالسيلان والجريان والتقاطر ـ ..
تارة : يكون للشك في انتهاء العرض مع إحراز الموضوع ، كما لو احتمل توقف الماء عن الجريان مع العلم بكميته وأنه بنحو قابل لاستمرار الجريان.
واخرى : يكون لاحتمال انتهاء الموضوع المعلوم للشك في كميته.
وثالثة : لاحتمال قيام موضوع آخر مقام الموضوع السابق مع العلم