وكذا لو وجب القضاء أو الفدية بترك امتثال التكليف بالمقيد ، فإن مقتضى استصحاب عدم الإتيان به وجوبهما ، إلا أن يحرز القيد الزماني ، أو لم يكن القيد متعلقا للتكليف ، بل موضوعا للحكم الشرعي التكليفي أو الوضعي ، كالإفطار في نهار شهر رمضان الذى هو موضوع لوجوب الكفارة ، فانه لو لا إحراز القيد الزماني لا مجال لترتيب الأثر في ذلك ، كما لا يخفى. فلا مجال للاستغناء عن الاستصحاب المذكور.
هذا ما تيسر لنا الاطلاع عليه من كلماتهم في المقام ، وقد ظهر عدم نهوضه بدفع الإشكال.
ولعل الأولى أن يقال : إنه لا حقيقة للظرفية الزمانية إلا وجود الحادث مقارنا للزمان ، وليست هي كالظرفية المكانية مبنية زائدا على ذلك على اشتمال الظرف على المظروف ، ودخول المظروف في الظرف ، الذي هو أمر حقيقي زائد على وجودهما واقترانهما.
ولذا لا إشكال في أن تقييد الحادث بحصة من الزمان كالنهار أو الشهر لا يراد به كون الحصة المذكورة أوسع منه ومشتملة عليه ، فإذا وجب إيقاع الصوم في النهار وجب استيعاب الصوم له ولا يكتفي بصوم ما عدا طرفية ، وإذا وجب إيقاع الصلاة في نصف النهار الثاني كفى البدء بها عند أول جزء منه ، كما يكفي الانتهاء منها عند آخر جزء منه.
كما لا فرق عرفا بين التقييد بالعنوان الزماني بما يظهر في الظرفية ، بمثل : صم في النهار ، والتقييد بحدّيه بما يقتضي محض المقارنة ، بمثل قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(١).
__________________
(١) سورة البقرة : ١٨٧.