أما المستصحب في المقام فهو الحكم الفعلي ، وهو حكم جزئي شخصي لا يقبل الإطلاق والتقييد ، بل كل خصوصية تؤخذ في الكبرى الشرعية تكون علة له لا يضر عدم إحرازها بوحدته المقومة للاستمرار الذي يحرز بالاستصحاب.
إن قلت : تقييد الحكم مانع من إطلاق الموضوع ، بل لا بد من اختصاصه بحصة من الذات مقارنة لوجود القيد ـ وهو في المقام الزمان ـ ولو بنحو نتيجة التقييد ، فلا يتحد مع فاقده.
قلت : تقييد الحكم إنما يمنع من الإطلاق الراجع إلى ملاحظة الذات سارية في تمام الافراد حتى الفاقد للقيد ، بحيث يكون فقد القيد ملحوظا للمتكلم ، ولا يمنع من ملاحظة الماهية بنفسها وحدودها الذاتية بنحو تنطبق قهرا على جميع الأفراد ومنها الفاقد للقيد ، بل هذا هو المتعين ، وهو كاف في وحدة الموضوع المعتبرة في الاستصحاب.
وأما ما ذكره المحقق الخراساني قدّس سرّه من أن الزمان وإن كان ظرفا للحكم لا بد أن يكون من قيود الموضوع ، لكونه دخيلا في ما هو مناط الحكم. فيدفعه أن المراد بالموضوع الذي يعتبر اتحاده في الاستصحاب هو المعروض للحكم ويحمل الحكم عليه ، لا كلّ ما هو الدخيل في الحكم وإن كان من سنخ العلة ، لدخله في مناطه ، كما تقدم في مبحث موضوع الاستصحاب.
الوجه الثاني : ما عن الفاضل النراقي في المناهج ، ونسب لبعض الأخباريين من معارضة استصحاب التكليف المتيقن باستصحاب عدمه الأزلي في الحصة المشكوكة من الزمان ، لأن المتيقن إنما هو وجود التكليف في الجملة مرددا بين الاستمرار والانقطاع ، فبالإضافة إلى الزمان الثاني المشكوك يحتمل استمرار عدم التكليف الأزلي الثابت قبل الجعل ، فيستصحب ، ويعارض به استصحاب التكليف من زمان اليقين إلى زمان الشك المذكور.