بقي شيء ، وهو أنه لو تم جريان الاستصحاب عند الشك في النسخ بالإضافة إلى الوقائع المتجددة فقد يدعى معارضته باستصحاب الأحكام المضادة لها الثابتة قبل تجدد موضوعاتها ، كما ذكروا نظير ذلك في الاستصحاب التعليقي ، فانه يشارك المقام في أكثر جهات الكلام.
فكما يجري استصحاب نجاسة الميتة لاثبات نجاسة الحيوان الخاص عند موته ، يجري استصحاب طهارته الثابتة له حين حياته ، فلا فائدة في جريان الاستصحاب المذكور.
وقد تصدى غير واحد للتخلص من محذور المعارضة في المقام. ولهم في ذلك مسالك ..
الأول : أن استصحاب الحكم الفعلي المضاد لا يجري في نفسه ، كي يعارض استصحاب الحكم الكلي الكبروي المنوط.
وقد وجه ذلك شيخنا الاستاذ قدّس سرّه بأنه من القسم الثالث لاستصحاب الكلي ، وذلك لأن الحكم المضاد كان قبل احتمال النسخ مغيّا بوجود موضوع الحكم المحتمل النسخ بنحو يقطع بارتفاعه بعده ، واحتمال بقاء الحكم المذكور إنما هو لاحتمال تجدد فرد آخر منه ، وهو المطلق ، فالطهارة المتيقنة للحيوان قبل طروء احتمال النسخ إنما هي الطهارة المغياة بالموت ، وهي معلومة الارتفاع به أو بالنسخ ، واحتمال بقاء كلي الطهارة ـ بعد الموت واحتمال النسخ ـ إنما هو لاحتمال حدوث الطهارة المطلقة بدلا عن الطهارة المغياة ، لنسخ الحكم بنجاسة الموت.
وفيه : أن الاطلاق والتقييد إنما يتصوران في الحكم الكلي الكبروي الذي هو مضمون الخطاب أما الحكم الشخصي الفعلي فهو لا يقبل الاطلاق ولا التقييد ، فتبدل حال الحكم الكبروي من التقييد إلى الإطلاق لا يوجب تبدل الفرد ليكون استصحابه من القسم المذكور ، بل المحتمل بقاؤه بشخصه ، فيكون