ليمتنع الرجوع في مورد الشك لأصالة عدم النسخ أو الاستصحاب. وقد ذكر ذلك في الجملة شيخنا الأعظم قدّس سرّه.
هذه هي الوجوه المذكورة في كلماتهم ، وهي ـ كما ترى ـ لا تنهض بالمنع عن جريان الاستصحاب وأصالة عدم النسخ.
نعم ، روى في الكافي عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث طويل أنه قال : «إن الله عزّ وجل بعث نوحا إلى قومه : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) ثم دعاهم إلى الله وحده ، وأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، ثم بعث الانبياء عليهم السّلام على ذلك إلى أن بلغوا محمدا صلّى الله عليه وآله فدعاهم أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا ، وقال : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ...) فبعث الأنبياء إلى قومهم بشهادة ألا إله إلّا الله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، فمن امن مخلصا ومات على ذلك أدخله الله الجنة بذلك ... فلما استجاب لكل نبي من استجاب له من قومه من المؤمنين جعل لكل نبي منهم شرعة ومنهاجا ، والشرعة والمنهاج سبيل وسنة ... ثم بعث الله محمدا صلّى الله عليه وآله وهو بمكة عشر سنين ، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد ألا إله إلّا الله ، وأن محمدا صلّى الله عليه وآله رسول الله إلا أدخله الله الجنة بإقراره ، وهو إيمان التصديق ، ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد صلّى الله عليه وآله على ذلك إلا من أشرك بالرحمن. وتصديق ذلك أن الله عزّ وجل أنزل عليه في سورة بني اسرائيل بمكة : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ...) إلى قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) ، أدب ، وعظة ، وتعليم ، ونهي خفيف ، ولم يعد عليه ، ولم يتواعد على اجتراح شيء مما نهى عنه ، وأنزل نهيا عن أشياء وحذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها ... فلما أذن الله لمحمد صلّى الله عليه وآله في الخروج من مكة إلى المدينة بني الاسلام على خمس : شهادة ألا إله إلا الله ، وأن محمدا صلّى الله عليه وآله عبده ورسوله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام شهر رمضان ،