في المثال السابق وجوب الزكاة في المال المذكور بعد حول الحول عليه.
وقد منعه غير واحد لدعوى : أن الحكم في القضية التعليقية لا وجود له قبل وجود ما علق عليه كي يستصحب ، بل المستصحب عدمه ، لسبق اليقين به سابقا في فرض عدم وجود الشرط المعلق.
وقد تصدى غير واحد لتقريب جريان الاستصحاب مع الشك في نسخ الحكم بالإضافة إلى الوقائع المتجددة.
بل قد أشرنا هناك إلى أنهم تعرضوا لأكثر تلك الوجوه هنا ، وإنما قدمناها هناك للحاجة إليها.
كما أن تقدّم ذلك البحث طبعا ـ لصلوح الكلام فيه لأن يكون مبنى للكلام هنا ـ هو الذي دعانا لتقديمه.
وكيف كان ، فقد سبق منا أن المجعول حقيقة هو الحكم الفعلي ، الذي لا تحقق له قبل تحقق ما علّق عليه ، وأن العمل يستند إليه ، دون الحكم التعليقي الكبروى ، أو السببية المنتزعة من ترتب الحكم المسبب على السبب ، أو نحوهما مما له نحو من الوجود قبل تحقق المعلق عليه ، ولذلك لا مجال لجريان الاستصحاب في المقام.
هذا ، وظاهر غير واحد أن مبنى الكلام في هذه المسألة هو ما تقدم في تلك المسألة من الكلام في جريان الاستصحاب قبل فعلية الحكم ، فان قيل بجريانه جرى في المقام ، وإلا لم يجر ، حتى إن سيدنا الأعظم قدّس سرّه قال في تقريب جريان الاستصحاب في المقام : «وحيث أن صحة الاستصحاب ارتكازية في مثل هذه الأحكام ، ولا سيما إذا كان الشك فيها من جهة الشك في النسخ لا بد أن يستكشف صحة مبناها أعني : كونه منوطا بالوجود الذهني».
لكن الظاهر اختلاف المقام عما سبق ، وأن عدم جريان الاستصحاب هناك ـ للزوم كون الحكم المستصحب فعليا ـ وإن كان مستلزما لعدم جريانه هنا