وبالجملة : ابتناء التعليل على الوجه المذكور قريب جدا ، وهو المناسب لما أشرنا إليه آنفا من معروفية صحة الصلاة مع النجاسة عن عذر ، كما هو مقتضى النصوص والفتاوى ، ولذا كان هو المنصرف من الحديث بدوا.
بقي في المقام أمران :
الأول : أن ما ذكر في تقريب هذا الوجه من كون التعليل دليلا على قاعدة إجزاء الأمر الظاهري ، إن اريد به كونه دليلا عليها في خصوص المورد ، فهو في محله ، وإن كان يغني عنه النصوص الاخرى.
وإن اريد به كونه دليلا عليها على العموم ولو في غير المورد ، فهو موقوف على إلغاء خصوصية المورد ، ولا يخلو عن إشكال.
ومجرد التعليل لا يصلح لذلك بعد عدم كون عموم إجزاء الأمر الظاهري أمرا ارتكازيا ، ليتعين إرادته محافظة على ارتكازية التعليل ، بل هو أمر تعبدي محض ، فلعل التعليل مبني على تعبد خاص معلوم للسائل مختص بالمورد لا يجري في غيره.
بل حيث كان الاجتزاء بالصلاة مع النجاسة لعذر من غفلة ، أو جهل مركب ، أو تعبد شرعي مما يقرب وضوحه ، خصوصا عند مثل زرارة ، لكثرة نصوصه واشتهاره عند الأصحاب ، فلا مجال للبناء على عموم إجزاء الحكم الظاهري ، حتى لو كان ارتكازيا ، لأن الملزم بالبناء على ارتكازية التعليل عدم تأتي الغرض من التعليل ـ وهو تقريب الحكم إلى ذهن السامع ـ إلا بذلك ، وهو مختص بما إذا كانت الجهة التعبدية خفية ، أما إذا كانت واضحة جلية ، فيكون الاعتماد عليها وافيا بغرض التعليل أيضا ، ولا ملزم بالحمل على الجهة الارتكازية.
بل لا يبعد كون مرادهم بارتكازية التعليل ما يعم ذلك ، وهو كونه مشيرا إلى أمر واضح مرتكز في ذهن السامع لمناسبات عرفية ، أو لتعبد واصل.