كصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام : «قال : كل ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد» (١) ، لظهور الشك فيه في الشك في وجود الجزء أو الشرط ، الذي هو أحد جزئي موضوع قاعدة التجاوز لا الشك في صحة الصلاة المأخوذ في قاعدة الفراغ ، مع أن الفراغ من الصلاة أحد جزئي موضوع قاعدة الفراغ ، فلو اريد إعمال قاعدة التجاوز بخصوصيتها لكان المناسب ذكر مضي محل الجزء المشكوك ، ولو اريد إعمال قاعدة الفراغ لكان المناسب فرض الشك في صحة الصلاة ، وكذا الحال في الدخول في الغير الذي اشتملت عليه بعض نصوص كلتا الطائفتين ، حيث يأتي أن الجهة الارتكازية المذكورة ملزمة باعتباره في مورد يتوقف عليه فيه مضي محل الشك ، دون غيره ، ولا بدّ من تنزيل النصوص المتضمنة له في المورد الذي لا يتوقف عليه فيه المضي على كون ذكره لتأكيد اعتبار المضي ، لا للتقييد به زائدا عليه ، الى غير ذلك مما يظهر منه عدم الاهتمام في النصوص بتحديد إحدى القاعدتين وتمييزها عن الاخرى ، بل كلها تشير للجامع بينهما ، الذي هو أمر ارتكازي ، وليس الاختلاف بينها إلا في الخصوصيات الفردية.
إذا عرفت هذا ، فاللازم النظر في تحديد القاعدة المستفادة من النصوص ، وهو إنما يكون بتحديد موضوعها ثم مفادها. فالكلام في جهتين ..
الجهة الأولى : في موضوع القاعدة.
وقد ظهر من جميع ما سبق أنه لا بدّ فيه من أمرين :
الأول : مضي الشك في الشيء ، بمعنى الشك في شئونه التي يهتم بها من حيثية العمل والتدارك ، سواء كانت وجودا أم غيره.
وقد عرفت تضمن جميع نصوص المقام لعنوان الشك في الشيء ، وأن الجهة الارتكازية تقضي بحمله على العموم المذكور.
__________________
(١) الوسائل ج : ٥ ، باب : ٢٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.