الثاني : مضي محل الشك ، بحيث يكون الاعتناء به رجوعا وتداركا بعد الفوت ، وهذا المعنى وإن لم يصرح به في النصوص ، وإنما اخذ فيها مضي الشيء والتجاوز عنه والخروج منه والدخول في الغير والفراغ من العمل ووجود الحائل ونحوها ، إلا أنه الجامع الارتكازي بين جميع هذه العناوين عرفا ، فيحمل ذكرها على كونها محققة له في مواردها ، ففي ما شك في صحته مع العلم بوجوده يكون مضي محل الشك بالفراغ منه ، وفي ما شك في أصل وجوده يكون مضي الشك بالدخول في ما يترتب على المشكوك ، أو بخروج وقته ، وبهما يتحقق التجاوز ويصدق الحائل.
أما بناء على التعدد فهما يختلفان في الأمر المشكوك فيه ، كما يختلفان في مضيه ، على ما سبق. وهذا كله ظاهر ، وإنما وقع الكلام في أمور تتعلق بذلك ينبغي التعرض لها تبعا لهم وتوضيحا لمحل الكلام.
الأمر الأول : أشرنا إلى أن الدخول في الغير المترتب على العمل إنما يعتبر حيث يتوقف عليه مضي المحل ، فلا يحتاج له إلا عند الشك في وجود الشيء مع بقاء الوقت.
فلو شك في وجوده بعد خروج الوقت لا يعتنى بالشك وإن لم يدخل في الغير المترتب عليه ، وكذا لو شك في صحة العمل وتماميته بعد الفراغ منه ، لكفاية خروج الوقت والفراغ في تحقق المضي بالمعنى المذكور.
ويشهد بالأول صحيح زرارة والفضيل المتقدم في أدلة القاعدة ، وبالثاني إطلاق موثق محمد بن مسلم وخبر بكير المتقدمين هناك أيضا وغيرهما من النصوص الخاصة.
ولأجلها ترفع اليد عما قد يظهر منه اعتبار الدخول في الغير ، كموثق ابن أبي يعفور ، المتقدم هناك ، وصحيح زرارة الوارد في الوضوء ، المتضمن لقوله عليه السّلام : «فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال اخرى في