بالشك الحادث بعد الفراغ غير المسبوق بالشك قبل العمل.
غريب جدا ، إذ لا يزيد الشك قبل العمل عن اليقين بعدم الإتيان بالمشكوك ، مع جريان القاعدة معه لو فرض احتمال الإتيان به بعد ذلك ، والتقييد المذكور في كلامه مما لا يمكن الالتزام به مع فرض تباين الشكين بسبب تعدد موضوعيهما.
وإن علم بعدم الإتيان بالمشكوك بعد الشك الأول ، بحيث يستند احتمال صحة العمل لما استند له الشك الأول لا غير ، فربما يدعى جريان القاعدة أيضا بلحاظ الشك المتجدد ، لأنه وإن اتحد مع الشك السابق موضوعا ، إلا أنه مباين له بسبب فصل الغافلة المفروضة بينهما ، فلا يكون الثاني بقاء للأول ، بل هو شك جديد حاصل بعد مضي محله ، فتشمله القاعدة وإن لم تشمل الشك الأول.
لكن ذكر غير واحد أن الشك المذكور غير مشمول لأدلة القاعدة ، بل ظاهر غير واحد المفروغية عن ذلك ، وظاهر بعض الأعيان المحققين تسالم الأصحاب عليه.
ويظهر من سيدنا الأعظم قدّس سرّه أن الوجه فيه قصور دليل القاعدة عن الشك المسبوق بمثله قبل العمل. وذكر بعض مشايخنا في توجيه ذلك أن تباين الشكين لتخلل الغافلة بينهما إنما هو دقي ، وإلّا فهما بنظر العرف شك واحد سابق على الفراغ من العمل ومضيه خارج عن موضوع القاعدة.
بل قد يقال : ان الشك عرفا كالعلم يصدق بمجرد حصوله ، ولا يضر بصدقه طروء الغافلة ، فكما أن العالم لو غفل عما علمه لا يصح عرفا سلب العلم عنه ، بل يصدق عليه الذاهل أو الناسي ، دون الجاهل ، كذلك الشاك لو غفل عما شك فيه لا يصح سلب الشك عنه.
والفرق بينه وبين ما ذكره بعض مشايخنا أن وحدة الشك على ما ذكرنا حقيقية مستلزمة لقصور إطلاق دليل القاعدة عن المورد حقيقة ، وعلى ما ذكره