نعم ، لا بد من إحراز أن جري المكلف على خلاف مقتضى الوظيفة الظاهرية لمحض الغافلة عن المشكوك ، أما لو احتمل تبدل الحال في نفس المكلف ، بحيث يكون عدم فعلية الشك منه لتبدل الشك في نفسه باليقين حين العمل ، وإن غفل بعده أيضا ، فالظاهر جريان القاعدة بسبب الشك الحاصل بعد الفراغ والالتفات ، لعدم إحراز المانع منها ، وهو الوظيفة الظاهرية المنافية للقاعدة ، كالاستصحاب الحاكم عليها أو الموجب لانصراف دليلها ، لأن بقاء الوظيفة المذكورة مشروط بعدم تبدل الشك باليقين ، كما لا يحرز مع ذلك وحدة الشك عرفا أو حقيقة بالتقريب المتقدم.
وأما احتمال بقاء الحال السابق وعدم التبدل ، فهو الشك متجدد بعد المضي ، ومبنى القاعدة على إهماله ، كما يهمل الشك بالإضافة إلى الواقع الذي يحتمل مخالفته وإن كان موافقا للأصل الأولي.
وأوضح من ذلك ما لو احتمل الإتيان بالمشكوك بعد الشك السابق. ولذا تقدم منهم الجزم بجريان القاعدة معه. فتأمل جيدا.
المسألة الثالثة : في عموم القاعدة من حيثية الالتفات حين العمل وعدمه.
أشرنا في المسألة الأولى إلى أن شيخنا الأعظم قدّس سرّه استشكل في جريان القاعدة مع حفظ صورة العمل ، وذكرنا أن التأمل في دليله قاض بأن نظره في ذلك لفرض غفلة المكلف عن جهة الشك حين العمل ، فمرجع ذلك منه إلى اعتبار احتمال التفات المكلف عن جهة الشك حين العمل ، فمرجع ذلك منه إلى اعتبار احتمال التفات المكلف لجهة الشك حين العمل في جريان القاعدة. وهو الذي أصر عليه بعض مشايخنا ونسبه لجملة من الأصحاب.
وغاية ما يوجه به ذلك : أن مبنى القاعدة ارتكازا على ملاحظة ظهور حال الممتثل في مطابقته للأمر الذي يريد امتثاله بالمحافظة على جميع الخصوصيات المعتبرة في العمل ، وذلك إنما يكون مع التفاته لجهة الشك ، ولو ارتكازا ، حيث يكون إخلاله معه عمدا منافيا لكونه في مقام الامتثال ، وسهوا