بتحقق صيغها المقصود بها الإنشاء مساوق للعلم بالقصد لموضوع الأثر ، فتجري فيها القاعدة.
ثم إن ما تقدم في تحديد موضوع الصحة والفساد وتحديد مجرى القاعدة كما يجري هنا يجري في القاعدة المتقدمة ، لعدم الفرق بينهما إلا في أن الموضوع هنا فعل الغير ولو قبل مضي محل الشك ، وهناك فعل النفس بعد مضي محله ، كما تقدم في الأمر الأول.
الأمر السادس : الظاهر أن مفاد القاعدة بالنظر للجهات الارتكازية المبتنية عليها هو التعبد بصحة الموجود وتماميته ، فتتنقح بسببها صغريات الكبريات الشرعية التكليفية والوضعية ، لا مجرد عدم الالتفات للشك في مقام العمل والعمل بما يطابق احتمال الصحة من دون بناء عليها وتعبد بها ، فليست هي قاعدة عملية محضة ، بل تعبدية. بل ربما يدعى أنها من الأمارات ، بلحاظ غلبة الصحة في فعل الفاعل وظهور حاله في تعمد الصحيح والاهتمام به.
لكن لم يتضح ابتناء القاعدة على الغلبة والظهور المذكورين ـ لو تمّا في أنفسهما ـ بل لعلها مبتنية على محض التعبد لأجل التسهيل وحفظ النظام ، كما تقدم في القاعدة السابقة ، بل هو المتعين بناء على عمومها لما إذا أخطأ الفاعل في تشخيص الصحيح ، على ما يأتي الكلام فيه.
بل يشكل كونها أصلا إحرازيا لعدم ظهور المحرز للصحة إلا الغلبة والظهور المذكورين ، اللذين عرفت الإشكال في ابتنائها عليهما ، فالمتيقن كونها قاعدة تعبدية.
وبهذا افترقت عن القاعدة المتقدمة ، لما تقدم من ظهور بعض نصوصها في كونها قاعدة إحرازية. فراجع.