وبالجملة فالعمل على الأخبار وهي كما حققناه دالة على ما ذكرنا ، ولكنهم لغفلتهم عن ملاحظة الأخبار ، وعدم الاطلاع عليها انجرت بهم المناقشة إلى الوديعة أيضا ، حيث أن ظاهرهم أن المستند فيها انما هو الإجماع.
قال في المسالك في هذا المقام بعد البحث في المسئلة : والحق أن قبول قول الودعي ان كان خارجا بالإجماع الفارق فهو الفارق ، والا فلا فرق ، وفي الإجماع بعد وقد تقدم الكلام فيه ، انتهى.
وهو ظاهر فيما قلناه ، حيث انهم نظروا الى أخبار (١) «البينة على المدعى واليمين على المنكر ،». خاصة ، ولم يطلعوا على تلك الأخبار التي خصصنا بها هذه القاعدة ، وهي كما عرفت ظاهرة في المدعي ، والله سبحانه العالم.
ومنها ما إذا ادعى الوكيل التصرف فيما وكل فيه ، مثل قوله : بعت ما وكلتني في بيعه أو قبضت ما وكلتني في قبضه ، وأنكر الموكل ذلك ، فقيل : القول قول الوكيل ، وبه جزم العلامة في الإرشاد من غير خلاف ، وقربه في القواعد وجزم في التذكرة بتقديم قول الموكل ان كان النزاع بعد عزل الوكيل ، واستقرب كون الحكم كذلك أيضا قبل عزله ، وقد قدمنا عبارته بذلك في المسئلة الاولى (٢) من مسائل سابق هذا المطلب ، وتوقف في التحرير ، وقال في الشرائع ان القول قول الوكيل ، لأنه أقر بماله أن يفعله ، ولو قيل : القول قول الموكل أمكن ، لكن الأول أشبه.
قال في المسالك : وجه الأشبهية انه أمين ، وقادر على الإنشاء ، والتصرف اليه ، ومرجع الاختلاف الى فعله ، وهو أعلم به ووجه تقديم قول الموكل ظاهر لأصالة عدم الفعل.
أقول : والأقرب عندي الرجوع الى ما قدمناه من التحقيق في المقام ،
__________________
(١) التهذيب ج ٦ ص ٢٢٩ ح ٤ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٠ ح ١ ، المستدرك ج ٣ ص ١٩٩ ح ٥ الباب ٣.
(٢) ص ٨٥.