بتصديقه للوكيل وحكمه بصحة البيع ، وأن الموكل ظالم بإبطاله ، فإنه انما يرجع على الوكيل بأقل الأمرين من الثمن الذي دفعه وقيمة المبيع ، لأن الثمن إن كان هو الأقل فليس في يد الوكيل من مال الموكل الذي هو ظالم للمشتري في أخذ العين بزعمه ، سواه فيأخذه قصاصا ، لأن هذا الثمن بزعم الوكيل والمشترى انما هو مال الموكل كما عرفت ، وان كان الثمن المدفوع أكثر من القيمة فالمشتري ليس له أكثر من القيمة ، لأن حقه شرعا بزعمه انما هي العين ، إلا أنه بأخذ الموكل لها وحيلولته بينه وبينها ، يرجع الى قيمتها ، فليس له شرعا إلا القيمة خاصة ، وعلى هذا فالزائد من الثمن في يد الوكيل مجهول المالك ، لأن الوكيل ليس له شيء من ذلك ، والمشترى ليس له إلا قيمة ماله ، والموكل لا يدعيه.
الثالثة : تلف العين مع التصديق ، ولا خلاف في أن للموكل الرجوع بالقيمة مع التصديق على أيهما شاء ، أما المشتري فلتلف المال في يده ، وأما الوكيل فلعدوانه ظاهرا ، فيدهما يد ضمان إلا أنه متى رجع الموكل على المشترى بالقيمة مع تصديقه لم يرجع المشترى على الوكيل ، لتصديقه له في صحة البيع وزعمه أن المالك ظالم في رجوعه عليه فلا يرجع على غير ظالمة ، هذا مع عدم قبض الوكيل الثمن من المشترى.
وأما لو قبضه منه ، والحال أنه لا يستحقه ، والموكل لا يدعيه ، فإنه يرجع به المشترى عليه ، لكن إذا كان المدفوع بقدر القيمة أو أقل ، فالرجوع به ظاهر ، وإلا رجع بمقدار ما غرمه للمالك من قيمة العين ، فلو كان المدفوع أزيد كان الزائد في يد الوكيل مجهول المالك ، لأن المشتري لتصديقه وصحة البيع عنده فحقه شرعا إنما هو البيع الذي تلف عنده ، لكن لما أغرمه الموكل القيمة فالذي له إنما هو ما غرمه يرجع به على ما دفعه الى الوكيل ، فإذا كان الثمن الذي دفعه أولا زائدا على القيمة ، وعلى ما أغرمه الموكل فتلك الزيادة لا يستحقها بوجه ، والوكيل لا يستحقها ، والمالك لا يطلبها ، لإنكاره البيع. فتصير