وبالجملة فإنه لا أثر لهذا الشرط في الأخبار ، ولا دليل بالكلية غير هذه الوجوه الاعتبارية ، وأصالة العدم أقوى دليل ، والله الهادي إلى سواء السبيل ، قال في المسالك بعد الكلام في ذلك : وحيث يعتبر القبول مطلقا أو على بعض الوجوه يعتبر فيه ما يعتبر في غيره من العقود اللازمة من اللفظ العربي المطابق للإيجاب المتعقب له بغير فصل يعتد به ، الى غير ذلك من الشروط ، ويتولاه في المصالح العامة على القول باعتباره الناظر عليها كالحاكم ومنصوبه كما يتولى غيره من المصالح ، وعلى القولين لا يعتبر قبول البطن الثاني ولا رضاه ، لتمامية الوقف قبله فلا ينقطع ، ولأن قبوله لا يتصل بالإيجاب ، فلو اعتبر لم يقع له كغيره من العقود اللازمة ، انتهى.
وأنت خبير بما في أكثر هذا الكلام ، وان جمد عليه جملة ممن تأخر عنه من الأعلام ، فإنه نفخ في غير ضرام كما تقدمت الإشارة إليه في غير مقام ، مضافا الى ما عرفت من أنه لا دليل هنا على هذا القبول ، وما ذكره من الاشتراطات المذكورة في العقود اللازمة كله محض دعا ولا دليل عليها إلا مجرد أمور اعتبارية عللوها بها ، مع ردها بالأخبار الظاهرة في خلافها.
ثم ان قوله وعلى القولين لا يعتبر قبول البطن الثاني ولا رضاه لتمامية الوقف قبله لا يخلو من المناقشة ، فإن هذا انما يتم لو قام الدليل على اشتراط الرضا في البطن الأول ، فيقال : حينئذ ان شرط صحة الوقف قد حصل ، وانعقد الوقف ، والحكم ببطلانه بعد ذلك يحتاج الى دليل ، ولم يثبت ان عدم رضا البطن الثاني موجب للبطلان. أما على ما قلناه من أنه لا دليل على القبول ، ولا على اعتبار الرضا في البطن الأول بل ظاهر الأدلة انما هو الأعم كما سمعت من أوقاف الأئمة عليهمالسلام فإنه ليس فيها اشارة ، فضلا عن صريح الدلالة باعتبار رضا الموقوف عليه ولا قبوله ، فإنه يكون ذلك في البطن الثاني بطريق أولى ، واللازم لهم باعتبار اشتراطهم ذلك في البطن الأول بهذه التعليلات الاعتبارية ، هو كونه