أوقعا ذلك لا بنيته كما لو وقع قبل العلم بالوقف أو بعده قبل الاذن في الصلاة أو بعده ، لا بقصد القبض ، إما لذهوله عنه أو لغير ذلك لم يلزم ، ومثله الدفن قالوا : هذا إذا لم يقبضه الحاكم الشرعي أو منصوبه والا فالأقوى الاكتفاء به إذا وقع باذن الواقف لأنه نائب المسلمين.
أقول : لم أقف في هذا المقام على نص يتضمن شيئا من هذه الأحكام ، وهو مبني على ما تقرر عندهم من عدم ثبوت المسجدية الا بالوقف ، وقد تقدم منا تحقيق في ذلك في كتاب الصلاة في التتمة الملحقة بالمقدمة السادسة في المكان (١) واستوفينا الكلام معهم رضوان الله عليهم في ذلك فليرجع إليه من أحب الوقوف عليه.
التاسع : المفهوم من كلام أكثر الأصحاب وهو صريح جملة منهم أنه بعد القبض ليس للواقف فيه رجوع بوجه وقال الشيخ المفيد (رحمة الله عليه) في المقنعة : الوقوف في الأصل صدقات ، لا يجوز الرجوع فيها الا أن يحدث الموقوف عليه ما يمنع الشرع من معونتهم ، والقربة إلى الله بصلتهم ، أو يكون تغير الشرط في الوقف إلى غيره أرد عليهم وأنفع لهم من تركه على حاله.
قال ابن إدريس بعد نقل ذلك عنه : والذي يقتضيه مذهبنا أنه بعد وقفه وتقضيه لا يجوز الرجوع فيه ، ولا تغييره عن وجوهه وسبيله ولا بيعه ، سوآء كان بيعه أرد عليهم أم لا ، إلى أن قال : فمن ادعي غير ذلك فقد ادعي حكما شرعيا يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، انتهى.
وأجاب العلامة في المختلف عن ذلك : بما يؤذن بالجمع بين الكلامين ، من حمل كلام الشيخ المفيد على أن الواقف له قد شرط شرطا يمتنع بدونه اجراء الوقف على حاله ، قال : فههنا يخرج الوقف عن اللزوم ، وأن يكون الواقف قد قصد معونة الموقوف عليهم لصلاحهم ودينهم ، فيخرج أربابه عن هذا
__________________
(١) ج ٧ ص ٣٠١.