ولي ضياع ورثتها من أبي وبعضها استفدتها ولا آمن الحدثان ، فان لم يكن لي ولد وحدث بي حدث فما ترى جعلت فداك؟ لي أن أوقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين أو أبيعها وأتصدق بثمنها في حياتي عليهم؟ فإني أتخوف أن لا ينفذ الوقف بعد موتي ، فإن أوقفتها في حياتي فلي أن آكل منها أيام حياتي أم لا؟ فكتب عليهالسلام : فهمت كتابك في أمر ضياعك ، وليس لك أن تأكل منها ، ولا من الصدقة ، فإن أنت أكلت منها لم تنفذ» الحديث.
وهو ظاهر في أنه لو وقف على نفسه بطل الوقف ، والتقريب فيه أن مقتضى الوقف على نفسه جواز الأكل منه ، مع أنه ليس له ذلك بالخبر المذكور ، فلا ثمرة لهذا الوقف لو قيل به ، ومنه يعلم أن عدم جواز الأكل مستلزم لبطلان الوقف على نفسه ، والمراد من عدم النفوذ إنما هو البطلان.
ومما يدل على إخراجه نفسه مما يقفه على غيره ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي (١) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يتصدق ببعض ماله في حياته في كل وجه من وجوه الخير ، وقال : ان احتجت إلى شيء من مالي أو من غلة فأنا أحق به ، إله ذلك وقد جعله لله؟ وكيف يكون حاله إذا هلك الرجل؟ أيرجع ميراثا أو يمضي صدقة؟ قال : يرجع ميراثا على أهله».
وما رواه عنه (٢) في الصحيح أيضا «عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من أوقف أرضا ثم قال : ان احتجت إليها فأنا أحق بها ثم مات الرجل فإنها ترجع الى الميراث».
وهذه الروايات ، وان لم تدل على خصوص البطلان في وقفه على نفسه كما هو المدعى ، إلا أنك قد عرفت من التقريب المتقدم ما يدل على ذلك ، ومع الإغماض عن ذلك ، فإنها ظاهرة بل صريحة في أنه يجب إخراج نفسه مما أوقفه
__________________
(١) التهذيب ج ٩ ص ١٤٦ ح ٥٤ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٩٧ ح ٣.
(٢) التهذيب ج ٩ ص ١٥٠ ح ٥٩.